تعرف الأسرة المختلطة بأنها أسرة من زوجين لهما أبناء من زيجات سابقة، وقد اضطروا للعيش معاً، بحكم ارتباط الطرفين في منزل الزوجية.

ويكثر في دول الغرب ظهور تلك الأسر المختلطة، لكن الظاهرة بدأت تفرض نفسها على دول عربية عدة، جراء ارتفاع معدلات الطلاق؛ ما يفرض تحديات جديدة، وغير مألوفة على الأسرة العربية والمسلمة، ينبغي معالجتها.

ومن المحتمل أن يشعر الأبناء بالارتباك والقلق، وقد لا يتقبلون الحياة الجديدة، مع رجل غريب، أو زوجة غريبة عنهم، وهو الأمر الذي يحتاج إلى ضوابط وآداب وقواعد شرعية وأخلاقية تحكم تلك العلاقة.

أولاً: تسمى ابنة زوجة الرجل في اللغة ربيبته، والربيبة من المحرمات في الزواج على الرجل ما دام دخل بأمها، ويحرم على الرجل نكاح بنات المرأة المدخول بها، ويعتبر محرَماً لجميع بناتها ما قبل الزواج، وما بعده، قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) إلى قوله: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ) (النساء: 23)، أما إذا لم يكن دخل بها: فليس محرَما لبناتها؛ لقوله تعالى: (فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) (النساء: 23).

يقول الفقهاء: إن حكم تربيتها من قبل زوج أمها هو الاستحباب من باب المعاشرة بالمعروف لأمها، وله في ذلك أجر، وإن كانت يتيمة فأجره كبير، وإن كانت غير يتيمة، فإن له من الأجر بحسب ما يتكلفه هو في تربيتها، وفق الضوابط الشرعية في ذلك.

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيث تزوج بنساء لهن أولاد، فتكفل بتربيتهم والعناية بهم، عَن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَال: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» (رواه البخاري، ومسلم).

وعمر بن سلمة هو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها من أبي سلمة، وكان وُلد في الحبشة حين هاجر والداه هناك.

ثانياً: على الجانب الآخر، تعد تربية أبناء الزوج من باب الإحسان، ومن صور المودة والرحمة بين الزوجين، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم، من أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها، فكانت الزوجة الثانية له، وضربت أروع الأمثلة في خدمة ابنتيه أم كلثوم، وفاطمة، رضي الله عنهما، فأبناء الزوج في حاجة للحنان والعطف، ومن يعوضهم عن غياب أمهم، مع احتساب الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى.

وفي حال كان الأبناء ذكوراً، فإنه لا يجب على زوجة الأب أن تحتجب عنهم لأنهم من محارمها، قال تعالى: (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ) (النساء: 22)، وتفيد الآية أنه لا يجوز للإنسان أن يتزوج من تزوجها أبوه أو جده، وإن علا سواءً كان الجد من قبل الأم أو من قبل الأب وسواء دخل بالمرأة أم لم يدخل بها.

ثالثاً: يجب تجنب الجمع نهائياً بين أبناء الزوج وبنات الزوجة في مسكن واحد؛ لأن الأولاد والبنات ليسوا أشقاء، وليس جائزاً الاختلاط أو الخلوة بينهما، وينبغي على الأم أن توفر لبناتها مسكناً مستقلاً بالقرب منها إذا وصلوا لسن التكليف، حال غياب من عليه حضانتهم من قبل الأهل، بحسب دار الإفتاء المصرية.

رابعاً: ينصح خبراء علم النفس والاجتماع بالتركيز على التواصل مع الأبناء بشكل منتظم، والحد من التوقعات المبالغ فيها، مع وضع حدود وقواعد واضحة، وصياغة لوائح داخلية للمنزل يلتزم بها الجميع، تتضمن احترام الخصوصية والمساحة الشخصية لكل فرد ومعايير الانضباط.

خامساً: قد تظهر مشاعر الغيرة والعداء بين أبناء كلا الزوجين، مهما حاولا العدل بينهما، وفي هذه الحالات ينبغي أن يمنح كل والد مساحة من الاهتمام الفردي لطفله، وتوفير الدعم والطمأنينة له، مع العمل على إيجاد أرضية مشتركة بين الأبناء.