تسنيم عبد الرحمن النمر

يحرص الآباء عادةً على أن يكون أطفالهم اجتماعيين يكوِّنون صداقات عديدة ووطيدة، تقول الدراسات العلمية بأن الأطفال الاجتماعيين الذين يؤلفون صداقات يصيرون أكثر نجاحًا وأكثر ثقة بأنفسهم حين يكبرون .

يحدث أن يكون أحد أصدقاء الطفل غير مهذب أو يلعب بقسوة وجفاء أو ذا مزاح سخيف، حينها يحتار الآباء ولا يدرون ما الذي يجب أن يفعلوه، فهم لا يريدون أن يضايقوا طفلهم، وفي نفس الوقت لا تعجبهم شخصية أو سلوكيات صديق طفلهم، ويخشون أن يؤثر عليه بالسلب، لهذا، سنطرح في هذا المقال أهم الخطوات والنصائح اللازمة لكي ينجح الآباء في مواجهة هذه المشكلة.

بداية: هل حقًا لا تستلطف الطفل أم أنك لا تحب والده أو والدته؟!

ربما لا تعجبك تصرفات أحد الوالدين وتخشى أن يؤذي طفلك إذا ما ذهب لزيارة صديقه، وربما لا يكون والدا صديق طفلك بنفس حرصك، ولا يمانعان أن يشاهد أطفالهما أفلامًا لا تصلح للأطفال... إلخ. من الأسباب، وتشير بعض الدراسات النفسية إلى أنه قد لا يكون هنالك أي سبب منطقي لعدم استلطاف الآباء لصديق طفلهم أو أسرته، وإنما يحاولون ببساطة تفادي أي نوع من المشاكل قد يطرأ مستقبلًا.

    والآن، وبعد مواجهة نفسك بخصوص ما يضايقك فعلًا في صديق طفلك وأسرته، إليك الخطوات التالية للتعامل مع الموقف:

أولًا: راقب من بعيد

فإذا لم يكن لديك أي مانع أو سبب منطقي للمشاعر التي تحس بها تجاه صديق طفلك فتجاهلها، وتأكد أن مشاعر الأطفال تختلف عن مشاعر الكبار.

وكثيرًا قد يستغرب الآباء من أن أبناءهم لا يشعرون بنفس مشاعر عدم الراحة والانزعاج، بيد أن الحقيقة العلمية توضح أن الأطفال يختلفون في مشاعرهم تمامًا عن الكبار .

فاحرص على البحث عن أسباب ذلك الشعور السلبي وإن لم تجد، يكفي أن تحرص على الحضور في وجود ذلك الصديق ومراقبة طفلك من حين لآخر.

ثانيًا: كيف تتحدث مع طفلك في هذا الأمر؟

إذا حدث ورأيت تصرفًا سيئًا من صديق طفلك فإنه يجب عليك التحدث مع طفلك وإليك الخطوات التالية لتنفيذ هذا الأمر بأفضل طريقة ممكنة ومؤثرة:

1. اسأله بعض الأسئلة

لا تبدأ حديثك مع طفلك بإطلاق الأحكام، وإنما اسأله عن رأيه في صديقه وما الذي يحبه أو يبغضه فيه، فربما يخبرك بشيء يجعلك تفهم الطفل بصورة أفضل، وربما تفسر التصرف بصورة مختلفة وتجد طريقة لتصحيح التصرف وحل المشكلة بدون مضايقة طفلك أو إيذاء مشاعر صديقه.

    تحدث مع طفلك عن تصرف صديقه السيئ، وخذ رأيه فيه ثم نبه لخطورته وأهمية ألا يرتكبه، ثم اقترح عليه التحدث مع صديقه بخصوص ذلك التصرف

2. لا تتكلم بالسوء عن صديقه

إذا فعلت ذلك قد يزداد الطفل عنادًا ويتمسك بصديقه وإن لم يكن يحبه كل ذلك الحب؛ فالطفل كذلك يرغب أحيانًا في أن يكون له فكره الخاص، وأن يحترم أبواه قراراته، خاصة فيما يتعلق باختياره لأصدقائه.

 نبه طفلك إلى السلوكيات غير السوية

أحيانًا يكفي أن تنبه طفلك بخصوص سلوك صديقه الخاطئ لئلا يفعله هو مستقبلًا ، ولا يكون هناك داع لمقاطعة صديقه بالكامل أو إنهاء العلاقة معه، تحدث مع طفلك عن تصرف صديقه السيئ، وخذ رأيه فيه ثم نبه لخطورته وأهمية ألا يرتكبه، ثم اقترح عليه التحدث مع صديقه بخصوص ذلك التصرف.

 استمع لطفلك

ضع في اعتبارك أن طفلك قد يشعر بنفس المشاعر ويراوده العجز حيالها، وقد يخشى التحدث معك، وفتحك للموضوع معه قد يشجعه على التحدث وربما تتوصلان معًا لبعض الحلول، وقد يصير هذا الأمر سببًا لثقته بك على المدى الطويل واستشارته لك فيما يتعلق بصداقاته وقراراته الشخصية أيضًا.

ثالثًا: حين يحين وقت التدخل

إذا كانت صداقة طفلك بصديقه تعرضه للخطر الجسدي أو النفسي وقد حاولت التحدث مع طفلك وصديقه بدون جدوى، فيجب عليك هنا التدخل وإنهاء تلك العلاقة وتوضيح السبب لطفلك، كذلك يمكن أن تكتفي - وذلك بحسب درجة الخطورة وسوء الموقف - بمنع طفلك مثلًا عن المبيت لدى صديقه، أو أن يبيت صديقه عندكم فحسب، وأن يكتفيا بالزيارات القصيرة واللعب سويًا أثناءها.

رابعًا: ادعم طفلك

كما ذكرنا آنفًا، إذا لم يكن هناك أي نوع من الخطورة على طفلك، ولكنك من جهة أخرى لا ترحب فحسب بصداقة طفلك لصديقه، اكتفِ أن تخبره بهذا الأمر وتطلب منه أن يتوخى الحذر واحرص على عدم التدخل في علاقتهما ما لم يحدث ما يتوجب غير ذلك.

وأخيرًا، ضع في اعتبارك أنك كوالد عليك حماية طفلك قدر استطاعتك ولكنك لن تستطيع أبدًا منعه من خوض تجارب سيئة بل ومريرة، وفيما يتعلق بمسألة اختيار الأصدقاء، فاحرص على أن تكون عونًا لولدك بنصحه من خلال القصص، وضرب الأمثلة من حياتك الشخصية وتجارب الآخرين، وأعطه الانطباع بأنك تثق به وبقراراته ولكنك كذلك تخشى عليه الأذى وترغب في حمايته، فإيضاحك هذا ودعمك لطفلك سيجعلك مع الوقت أهلًا لثقته وربما تغدو صديقه المفضل!

المصدر: بصائر