تعاني الكثير من الأسر المسلمة من مسألة التربية بعد تدخل الكثير من العوامل المركبة في مراحل كثيرة منها، خاصة مرحلة المراهقة التي يرى الابن نفسه قد كبر بدرجة كفاية لأن يقرر مسار حياته وفق ما يريد هو لا وفق ما فرض عليه أو ورثه منذ الصغر.

هذا بالإضافة لعوامل أخرى اقتصادية واجتماعية فرضت على أولياء الأمور ترك التربية على آخرين كدور الحضانة والتلفاز والهاتف الجوال بعد اضطرار الأبوين للعمل معاً لسد الحاجات المادية للأسرة، والاكتفاء بإطعامهم أفضل الطعام وجلب أفضل الملابس وأفضل المدارس، ثم يغلق كل فرد من أفراد الأسرة في نهاية اليوم غرفته على ذاته وعالمه الخاص فلا يدري الآباء أي أفكار يحملها أبناؤهم ومن يشكل ثقافتهم وعقائدهم وسلوكياتهم، ثم يكتشفون في نهاية الأمر أن الابن لا يصلي أو يصوم، بل يرفض الفكرة من الأساس أو يتهرب منها فيفطر بعيداً عن رقابتهم.

وتلك إشكالية معقدة تتداخل فيها المسؤوليات بين المجتمع والدولة والأسرة التي يجب أن تضع في اعتبارها الأول التربية وليس مجرد الرعاية.

فجأة تجد الأم ردوداً من ابنها الذي خرج تواً من مرحلة الطفولة قائلاً: ولماذا أصوم؟ أنا حر، لا أقدر على الصيام، أصدقائي لا يصومون ولا أحد يوجه لهم اللوم، ما الحكمة من الجوع والعطش؟! إنه قرار مستبد! حين أكبر ويكون لي أسرة سوف أصوم.

وهكذا يسوق الحجج ليتهرب من الصيام والآباء في حالة ذهول لا يعرفون بم يجيبون!

ويتعقد الأمر إذا لجأ الأب لشيء من العنف في مواجهة إعراض ابنه مما قد يضطره للقبول ظاهراً ثم يفطر سراً، أو بالمزيد من العناد والإعراض خاصة في تلك المرحلة الحرجة الرافضة والمتمردة على كل ما هو مفروض.

فكيف السبيل للخروج بحكمة وأمان والعبور بمرحلة المراهقة فيما يخص العبادات بأمان لا يترك أثراً نفسياً سيئاً فيأخذ الطريق المعاكس تجاه الحق؟ مع الأخذ في الاعتبار أن التربية على الصيام والصلاة والعبادات تبدأ من الصغر، إنما هنا نستدرك ما فات من التربية لسبب من الأسباب:

1- حديث القلب مع العقل (الترغيب والترهيب):

بعض الناس حين تأخذه الحماسة أثناء مواجهة مشكلة ما، فإنه يسوق الأدلة الشرعية والنقلية ورأي الفقهاء، في حين أن المتلقي عن ربنا عنده مشكلة مع تلك الأدلة على الإطلاق خاصة في مرحلة المراهقة التي تنطلق من التشكك في كل شيء، غير أنه يخاف من إعلان رأيه بأنه لا يؤمن مثلاً، فيسمع الناصح وهو في نفسه غير مقتنع، فعلي المربي هنا أن يخاطب الوجدان مع العقل، يوقظ الإيمان الفطري الموجود في النفس الإنسانية بطبيعتها، يضع الابن موضع المسؤولية وليس الاتهام.

هو إنسان مكرّم خلقه الله بيده، ليس حيواناً وليس شيطاناً وليس ملاكاً كذلك، شرفه الله عز وجل بقيمة الاختيار، فأنت أيها الابن الحبيب قادر على الاختيار بين الطريق الصحيح والطريق الخطأ، وأنت وحدك المسؤول عن تبعات قرارك واختيارك، نخاطب فيه ما يربيه على العزة والكرامة، وأن يحب ذاته ويخشى عليها من الوقوع في الخطأ، وأن يذهب لربه بكامل اختياره بعد تعزيز مبدأ الثواب والعقاب.

نحن نحبه، ولن نكف عن حبه، وإن لم يصم ويصلِّ فسوف نحبه، فالتهديد بالتوقف عن الحب ليس صحيحاً، إنما هناك التهديد بفقْد بعض المكتسبات، كالخروج مثلاً بعد الإفطار، أو الحرمان من شيء يحبه، علينا أن نحببه في مآلات الحفاظ على الصيام والصلاة وسائر العبادات كي يحب الله ويخشاه في ذات الوقت، وغرس قيمة الرقابة الذاتية وهي الهدف الأول من الصيام فيقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183).

وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ لَه إلَّا الصَّومَ، فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِه، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيبُ عندَ اللَّهِ من ريحِ المسكِ»(1).

وأجر الصوم لا يكافئه عمل آخر، وهو ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من صام يوماً في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً»(2)، فإذا كان صيام يوم واحد من غير أيام الفريضة يبعد الصائم عن النار لسبعين سنة، فما بالنا بصيام الشهر كله وهو فريضة؟!

2– صناعة جو أسري احتفالي:

ومسـألة العبادات عامة والصيام خاصة لا بد من أن يكون لها خصوصية في التعامل داخل إطار الأسرة، فيجب أن تكون الأسرة حصناً يحمي كل من بداخلها من الانخراط في أخلاقيات دخيلة تتسلل إلينا عبر الكثير من الوسائل، بينما نحن مشغولون ومطمئنون إلى أن الأبناء في البيت وليسوا بالشارع، ونفاجأ بأن الشارع أتى إليهم في غفلة منا، فالزارع لا يكتفي بغرس البذرة، وإنما عليه أن يتعهدها بالرعاية، ويصبر عليها حتى تُخرج ثمرتها، فلماذا نتعامل مع أبنائنا أقل اهتماماً من غرس بذرة في الأرض ينتفع بها أحدهم لوقت قليل، بينما أبناؤنا هم أمل الأمة وغرسها وثمرتها التي ننتظر؟!

إن على الوالدين واجباً بقدر اختصاصات كل منهما، والولد يحتاج لكليهما معاً لا يغني أحدهما عن الآخر، الأب برعايته وحضوره ورقابته ومسؤوليته، والأم بحبها ورعايتها ورحمتها واحتوائها، المتابعة على مدار الساعة ليس بالأوامر المباشرة، وإنما بالقدوة الطيبة، بحيث يُهيَّأ جو البيت بطقوس تزيين قبل رمضان احتفالاً به وتحضيراً له، ويمكن تشجيع الجميع بأن يكون لكل منهم مصحفه الخاص به، ومكافأة من يبدأ في ختمة قبل رمضان، ونتنافس فيها ونحن في بداية شعبان وما زال الوقت معنا، مسابقة لمن يوقظ الأسرة في صلاة الفجر، وأكثر من يحافظ عليها له هدية مميزة، وله أن يحدد موعد ومكان الخروج القادم للتنزه، تخصيص وقت محدد لصلاة القيام ولو ركعتين كل ليلة تجمع أفراد الأسرة على حلقة يكلف فيها الابن الراغب عن الصيام إلقاء درس مصغر عن أهمية الصيام يسمعه إخوته الصغار ويشجعه الأب والأم على ذلك.

3– الصداقة غير المفتعلة وحل المشكلات العارضة:

معظم المشكلات التعبدية تنتج عن وجود الأبناء في أسرة لا يحرص أحد الأبوين فيها على أداء تلك العبادات، أو أن مسألة الالتزام بالفرائض لا يشغلهما معاً، وهناك أسباب أخرى تتعلق بالوسط المحيط اجتماعياً أو تعليمياً، أو أن العلاقة بين أفراد الأسرة نفسها ليست كما يجب، فتأتي الأوامر والنصائح بآثار عكسية تجعل الابن يرفضها جملة رغم علمه بأهميتها، ولكن كتسجيل نوع من التمرد على الواقع البارد.

وعلى الوالدين هنا أن يدركا أهمية الاتفاق المسبق وتحديد وسائل العلاج بدقة، وأهمية وجودهما معاً إلا لأسباب قاهرة، وبعض الرجال يلقون بتبعة التربية كاملة على الأم، ويتنصلون منها ويضعونها دوماً في موضع الاتهام حين ينتكس أحد الأبناء، بينما القرآن الكريم يحدد المسؤولية التشاركية بينهما فيقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم: 6)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»(3)، وقوله: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؛ الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته..»(4)، وفي الحديث ذاته يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها»(5).

فالمسؤولية هنا مسؤوليتهما معاً لا يستطيع طرف التنصل منها أو التخلي عنها، ووضع اليد على الأسباب الخفية لجمود العلاقة بين الوالدين والأبناء التي غالباً من طرف الوالدين، سوف تحل نصف المشكلة عند الأبناء، وعليهما فوراً إنقاذ الأمر قبل انفلاته.

4– ملء الفراغ قدر المستطاع والابتعاد عن العالم الافتراضي:

هناك مشكلة تضع الوالدين معاً في دوامة العمل لسد حاجة الأسرة واحتياجاتها التي تتضاعف عاماً بعد عام، لكننا يجب أن نتوقف إذا كان الأمر يتعلق بمستقبل من نعولهم في الدنيا والآخرة، فإن كان خروج الأم كي تساهم في توفير نفقات وتوفير مستوى أعلى لهؤلاء الأبناء، فالمصلحة الأكبر هي وجودها بينهم، حتى لا يكونوا في مواجهة فتن الحياة فرادى، وعليها أن تختار بين أن تربيهم تربية نافعة لأنفسهم ومجتمعاتهم ودينهم، وأن تملأ غرور ذاتها بكونها عاملة تخرج كل يوم وتعود ملقية خلف ظهرها بمسؤولية عظيمة وشاقة.

إن ترك الأبناء بمفردهم قد جر على المجتمعات المسلمة ويلات لا قبل للمجتمع بها، وعلى الجميع أن يتوقف ويتساءل: ماذا فعلنا بأبنائنا؟ وماذا قدمنا لهم؟ وماذا نريد منهم؟

علينا أن نقف وقفة صادقة لنقدم رؤى وحلولاً عملية تكون مسؤولية الفقهاء والأنظمة لعودة الأم لمسؤوليتها الأولى، وعلى الدولة تعويضها ومساعدتها، بل ومكافأتها، وحتى يحدث ذلك فإن المسؤولية تقع على عاتق الأسرة وحدها.

على الوالدين أن يجدا ما يشغل الأبناء عن الانفراد بالهواتف الذكية وفتح الغرف المغلقة فخلفها ألف شيطان يخطط ويجذب بكل السبل، بينما الأسرة تنفر وتبعد بكل طاقتها، يجب أن يكون هناك وقت مخصص يجتمع فيه الوالدان على صلاة العشاء مثلاً وبعدها لا هواتف تعمل في البيت، ولتكن تلك الأيام المباركة انطلاقاً لتنظيم أوقات محددة تجتمع فيها الأسرة في مكان واحد للنقاش والمذاكرة والحوار.

5- النصح بالتعريض وليس بشكل مباشر:

إياكم ثم إياكم من تقديم النصح بشكل مباشر للمراهق الذي يرفض الصيام، بل على الوالدين أن يخفيا الأمر عن المقربين كنوع من الاحتواء له والحفاظ عليه نفسياً وتوضيح الأمر له.

لقد كان نهج النبي صلى الله عليه وسلم دوماً في النصح أن يقول: «ما بال أقوام..»، فكسب الإنسان عندنا مقدم، ولسنا في معارك أبنائنا لنشهّر بهم أو ننتصر عليهم، بل نحن في معارك مع شياطينهم الكثيرة والضغوط الواقعة عليهم، ونحن متفهمون لها.

عن أنس رضي الله عنه: أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش.. فحمد الله وأثنى عليه فقال: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»(6).

والنصح المباشر يولد عند المنصوح الكبر خجلاً من الوقوع في الخطأ، ثم الفرار وتجنب النصيحة فيما بعد.

6- تكليفه بأعمال خيرية:

بعض الأسر تبعد أبناءها تماماً عن اتخاذ القرارات الصغيرة والكبيرة بداعي أنهم ما زالوا صغاراً، أو أن هذه الأمور لا تهمهم، وهي تربية خاطئة لا تنتج إلا جيلاً مدجناً لا يعرف المسؤولية ولا يحرص عليها، وها هو رمضان فرصة لتصحيح مسار الجميع في سنوات مضت، في أدائنا كآباء ومسؤولين، وفي أدائهم كشباب مسلمين.

لنعلن أنه يوم وضع خطة توزيع الصدقات، أو توزيع زكاة الفطر، ونفتح باب التفكير والابتكار لوضع الأسماء المستحقة هذا العام، لنضيف إليها مثلاً أبواب الجهاد، وأنها حق لإخواننا وقضيتنا كمسلمين، فليساهم الجميع بالتفكير والاستقطاع من مصروفهم الخاص لتلك الأسرة أو تلك القضية، ثم يقوم الأبناء بأنفسهم بتوزيع تلك الصدقات بآدابها، فلا يراكم أحد، ولا تهن أحداً، ولا تتعال على أحد، عليه أن يتصرف كرجل في وجود الوالدين أو بمفردهم، هذا اليوم سوف نزور جدتك، أو عمتك، أو خالتك، هذه الليلة سوف نتصدق بعد صلاة التراويح ولو كان بالقليل، وهكذا الدفع والمشاركة في الأعمال الخيرية.

7- مرافقته للأب إن كان لا يتعارض مع عمله:

ضجر الأب من مصاحبة الابن بدعوى أنه يعطله، أو أنه لا يجد وقتاً بسبب عمله، نوع من التخلي عن المسؤولية في تربيته، فحين يدعو الداعي لنصحه فيما بعد لن يجد مستمعاً جيداً، فالشقاق الحادث بينهما مسبقاً سوف يكون حائلاً لأي تواصل، فالأب في طريقه للمسجد، في طريقه لملاقاة أصحابه، في طريقه لزيارة صلة رحم، في طريقه للسوق لتدريب ابنه على الشراء والانتقاء والتوفير والأهم فالمهم والتدبير، وتفقد الاحتياجات النافعة للأسرة، ما المانع أن يكون ابنه رفيقه في تلك المهمات؟! لماذا ننتظر حدوث المشكلة كي نبحث عن حلول؟!

والمرافقة تصنع نوعاً من التعايش والتربية بالقدوة، فالأب حين يتعامل بالصدق مع الناس ليس ضرورياً أن يوجه ابنه للصدق بالكلام وقد رآه سلوكاً وفعلاً، وحين يتعامل مع البسطاء بتواضع ورحمة وود فسوف تغرس الرحمة في قلب الابن وتجعلها سلوكاً ملحوظاً، ثم هي تفتح مجالاً للأب أن يلاحظ سلوك ابنه مع الآخرين ومع نفسه فيكتشف الخلل الذي يمكن أن يحدث قبل حدوثه بالفعل فيضع نقاطاً سريعة لحل الإشكالية ومواجهتها بحكمة.

8- الصبر عليه والحرص على توفير واقع محيط يلتزم بالصلاة والصيام:

يقول الله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) (طه: 132)؛ الآية هنا تشمل كلمة «اصطبر»، واصطبر على الأمر، اصطبر للأمر: صبَر عليه، احتمله دون شكوى(7).

والأمر يستحق الصبر والتصبر والاصطبار، فالتربية شاقة وغرس قيم إيجابية في الإنسان كأنك تقوم بتشكيل مجتمع بالكامل، وتبني أمة وليس مجرد فرد فيها، خاصة حين تطالبه بالصوم والحرمان وترك ما يشتهيه من حلوى ومشروبات ومأكولات مع تحمل ألم الجوع شتاء والعطش صيفاً، ليتساءل بداخله: لماذا؟ وهنا واجب الوالدين فتح كافة الشبهات والرد المنطقي والشرعي عليها بما مر بنا ترغيباً وترهيباً.

والوالدان اللذان يهتمان بالتربية من مرحلة مبكرة سوف ييسر لهما ذلك فيما بعد، فخطوط التواصل مفتوحة، فلا يُعرض الابن عن سؤالهما دون خوف أو خجل أو البحث عن جواب بطريقته الخاصة في محيطه السري على صفحاته التي لا يعلم عنها أحد شيئاً، وعليهما ألا يضجرا، فذلك حقلهما وغرسهما وثمرتهما، وكل ما هو دونه لا يستحق بذل الجهد والصبر عليه بقدره، ولا نتوقع نتائج فورية طالما تأخرنا في عملية الغرس، بل علينا بذل جهد مضاعف لنستدرك ما فات ونقوم بتعويضه.

9- معرفة الأسباب الحقيقية لإعراض الابن عن الصيام:

قد يكون الرفض العارض للصيام أو أداء فريضة أخرى يتعلق بأسباب غير أسرية أو غير تربوية، خاصة في تلك الفترة الحرجة من التربية، فقد يكون الابن مؤدَّباً بشكل جيد، وقد يكون الوالدان يبذلان أقصى ما في طاقتهما، لكن تتداخل بعض العوامل المتعلقة بالسن أو المحيط الثقافي المدرسي فتحدث مشكلات عقيدية إيمانية يتوقف الابن عندها ليسأل ليس عن جدوى الفريضة، إنما عمن شرعها وهو الحق سبحانه وتعالى.

ويوضح د. أحمد المجدوب(8) أن مرحلة المراهقة بخصائصها ومعطياتها أخطر منعطف يمر به الشباب، وأكبر منزلق يمكن أن تزل فيه قدمه؛ إذا عُدم التوجيه والعناية، مشيراً إلى أن أبرز الأخطار التي يعيشها المراهقون في تلك المرحلة: فقدان الهوية والانتماء، وافتقاد الهدف الذي يسعون إليه، وتناقض القيم التي يعيشونها، فضلاً عن مشكلة الفراغ(9).

10- صلاح الأبوين مدعاة لصلاح الأبناء:

يقول الله تعالى: (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً {80} فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) (الكهف)، ويقول سبحانه: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً) (النساء: 9)، فمن أكبر أسباب صلاح الأبناء تقوى الآباء وتحريهم الحلال والصدق والإخلاص وأفعال الخير والحرص على النوافل وكافة مظاهر الصلاح، فتربية الأبناء والحفاظ عليهم تبدأ من مرحلة الاختيار الأولى، اختيار الزوجة الصالحة واختيار الأب الصالح للأبناء، ثم التعهد بالتربية والرعاية كما مر بنا من خطوات منذ الغرس الأول كي تؤتي الشجرة الطيبة أكلها.

______________________

(1) رواه البخاري.

(2) متفق عليه.

(3) رواه البخاري، ومسلم.

(4) متفق عليه.

(5) المصدر السابق.

(6) رواه مسلم.

(7) معجم المعاني الجامع.

(8) خبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.

(9) موقع صيد الفوائد المراهقة خصائص وسلوك

المصدر: المجتمع