أم طارق- الأردن:
ابني يبلغ من العمر 11 سنة، لا يحب الدراسة قطعيًّا، أقوم بملاطفته حتى يستذكر معي، ولكن لا ينجذب لي كثيرًا، وأحيانًا يرفض قطعيًّا مستواه العلمي، وأنا أهدده بالضرب، ولكن لا أفعل، والآن لا يخاف مني، وإنما يخاف من إخوته قليلاً، رغم أنهم لا يضربونه، فيقوم بفتح الكتب فقط 5 دقائق، وعندما ينتهي من الاستذكار أطلب منه أن أسمِّع له بعض الكتب أو أسأله فقط سؤالاً من كل كتاب فيرفض.. أصبح الآن مستواه "راسب"، ولا أعرف كيف أحبِّبه في الدراسة!.
* تجيب عن الاستشارة: ميرفت محمد- الاستشاري الاجتماعي بالموقع:
أختي الحبيبة أم طارق..
أعلم ما تعانيه، وأدعو الله لك ولكل أمٍّ أن يعينها على هذه المسئولية العظيمة.. مسئولية تكوين إنسان.. تكوين رجل المستقبل.. المعلم.. الطبيب.. العالم.. صانع القرار، فمهمتك هي صناعة إنسان، وكم هي عملية شاقة تحتاج إلى تجهيزات ضخمة؛ نفسيًّا.. (الصبر- الحكمة- اليقين بعون الله لك في تحقيق هذا الهدف)، ماديًّا.. البيئة السوية (أسريًّا، اجتماعيًّا- اقتصاديًّا)، ومعرفة خصائص المراحل العمرية وما يعتريها من تغيُّرات نفسية وجسمية يجب الانتباه لها حتى أتعلم أساليب التعامل المناسبة لتلك المرحلة.
اسألي نفسك.. لماذا لا يحب ابني الدراسة؟
وسوف تجدين الإجابة أنه يعاني نوعًا من الاضطرابات وعدم الرضا، ويرجع ذلك إلى: إما مشكلات في المدرسة، وتتمثَّل في صعوبة حقيقية يعانيها في دراسة بعض المواد الدراسية ولحل هذه المشكلة.
ملاحظة المواد التي لا يقبل على دراستها وسوف تجدين أنه لا يقوم بحل الواجبات التي ُيكلَّف بها في هذه المادة أو يُهمل في الأدوات الخاصة بها أو لا يريد الذهاب إلى المدرسة في اليوم الذي يدرس فيه تلك المادة.
وهنا أولاً ابدئي الحوار.. هل يشعر بالمشكلة؟ وكيف يرى حلها؟ فهو صاحب المشكلة وعليه مسئولية حلها، لكن يجب أن يشعر أنه لو احتاج إليَّ فسوف يجدني معه أُسانده، وعليه أن يخبرك بهذه الحلول والمدة الزمنية التي سوف يحتاجها للحل، ولكن عليك الآتي:
1- التأكد من وجود كتب المادة لديه كاملةً، وأن المدرس يشرح جيدًا.. هل توافق هذه المادة ميوله؟ هل يدرسها وهو غير مرهق؟ أي هل تُدرس في أول اليوم الدراسي أم آخره؟ حاولي أن تكون الكتب كاملةً، ومساعدته بكتب خارجية ومعلومات إضافية لتحبيبه فيها، وعليك زيارة المدرسة والوقوف على مستوى ابنك ومستوى المدرس إذا كانت المادة لا توافق ميوله اقنعيه بأنه يدرس منهجًا يحقق له الشمول، وإذا لم يمكن تغيير الجدول أول اليوم الدراسي فعليه استعادة نشاطه بالوضوء.
2- شجيعه على المنافسة، وقولي له كيف تشعر تجاه النجاح؟ وهل بذلت أفضل ما لديك؟ وما الشيء الذي ستفعله المرة القادمة لتحقق النجاح؟
عبارات لا بد من قولها
- تنافس لتحقق ذاتك.
- اعمل للوصول إلى أفضل إمكاناتك.
- نحن نحبك لذاتك؛ فأحبب نفسك.
- المهم تحقيق النجاح والأهم التعامل مع نقاط الضعف للوصول للنجاح.
- نحن نحبك، سواءٌ كنت الأول أو الأخير.
عبارات لا يصح قولها
- سأفخر بنجاحك.
- تعلم أن تنجح بأي طريقة.
- لا أحد يحب الراسبين أو الفاشلين.
- النجاح هو كل شيء.
- لا أحب أن يفشل أحد من أولادي.
- أنت لست ذكيًّا.
وعليك بضرب الأمثال له.. كم من عالم غيَّر في واقع أمته، والعكس.
3- عوِّديه على الصبر بعض الوقت للمذاكرة، مع إتمام جزئية معينة مثل حل 10 مسائل هندسة أو حساب في مدة يحددها هو بنفسه، ولن يقوم بعمل شيء آخر خلال ذلك، وسوف يحقق ذلك الهدف، ثم عزِّزي ذلك معنويًّا بكلمات (اعرف أنك عبقري).
وأرشديه إلى أن عليه وضع خطة للمذاكرة يتخللها جانب ترفيهي وإيماني واجتماعي؛ حيث يقضي أوقاتًا سعيدةً مع الأسرة في البيت أو النادي؛ حيث يقول رسولنا الكريم: "روِّحوا عن القلوب ساعةً"، وكان صلوات الله عليه يتخوَّل الصحابة الموعظة.
4- انتهزي فرصة وجود من يحب من إخوانه أو أقاربه، واجعليه يشجعه على التفوق والنجاح.
5- ادعي له كثيرًا بالتوفيق والنجاح، واجعليه يربط بين النجاح ومحبة الله له قال تعالى: ﴿يَرْفَعْ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)﴾ (المجادلة).
6- احذري العقاب، واسألي نفسك هل سيغير شيئًا وأكيد أنك جرَّبتِ أكثر من وسيلة للعقاب ولم تُجدِ، يجب أن يكون العقاب بعد الاتفاق مع ابنك، إذا تكرر كذا سوف تحرم من كذا، وألا يكون أمام أحد.
7- الحب والتشجيع والتحفيز سبيل النجاح.
8- اقضي معه وقتًا تتحدثان فيه في أشياء غير الدراسة؛ لتتعرفي على ما يقلقه من أصدقائه وما يحب فعله، والعبي معه، واخرجي معه للتنزه.
9- كوني الصديقة التي تسمع له جيدًا مع التغاضي عن الأخطاء.
10- اكتبي له رسائل إيجابية عن فرحتك بتقدمه، حتى لو كان قليلاً، وشجِّعيه على المواصلة، واجعلي هذه الرسائل في أماكن ظاهرة أمامه على مكتبه على دولاب ملابسه على المرآة، مع هدية.
جميلة تعبِّر عن سعادتك بذلك.
11- اجعليه يتخذ نموذجًا صالحًا يقتدي به، وعددي له أسماء بعض العلماء والمفكرين والناجحين في تغيير مجتمعهم للأفضل، واحكي له كم عانَوا واجتهدوا للوصول لذلك، وكم هم الآن في سعادة ورضا عن أنفسهم لما حقَّقوه.
12- يجب أن يعرف أن العالم أصبح عالم المعرفة، ولن يواكب هذا التقدم السريع إلا بالعلم.
أذكِّر نفسي وإياك وجميع الأمهات والآباء والمعلمين بأن التربية مهمة في غاية الصعوبة، وعلى قدر المشقة نحصل على الأجر إن شاء الله.
13- أن تكوني واعيةً أن ابنك في مرحلة المراهقة المبكرة، ويحتاج إلى معاملته كرجل يتحمل مسئوليته، وقد يعاني من المشكلات التسرية التي تؤثر بشكل كبير على تحصيله الدراسي.