الاسم: أم الحسن
للأسف لا يشعر زوجي بمسئوليته كأب نحو أبنائه، ويستغل يوم راحته في النوم طول النهار لا يقوم لصلاة الفجر، أو يصلي جماعة في باقي الفرائض، وأحسُّ بمسئوليةٍ كبيرةٍ نحو الأبناء؛ ولكني لا أستطيع بمفردي، فماذا أفعل؟
يجيب عن السؤال الدكتور رشاد لاشين الاستشاري في (إخوان أون لاين):
الأخت الفاضلة بارك الله فيك، وحيَّا الله حرصَكِ على زوجك وأبنائك واستشعارك للمسئولية، ووفقكم جميعًا للعمل بكتاب الله وسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ونفع بكم الإسلام والمسلمين، اللهم آمين.
في البداية دعينا نتفق على أننا يجب أن ندعو إلى المعروف بمعروفٍ، وأن نصلَ إلى السلوك الحسن بطريقةٍ حسنة؛ وإن الحرصَ على الأبناء والحرص على توظيف الزوج في إعدادهم وحسن تربيتهم لهو عملٌ جليلٌ يستحق التحية.. وإن التشخيص الصحيح والهدف الواضح لا يكفي للحل.. بل الوصول المناسب والعلاج النافع يقتضي أن نراعي الإحسان والإتقان، وتفقد المفاتيح الصحيحة المناسبة بالطريقة المناسبة في الوقت المناسب، وتغيير سلوك الزوج الحبيب لحسن تربية الأبناء يقتضي مراعاة القواعد والأصول الآتية:
1- أولاً وقبل كل شيء توجهي إلى الله تعالى وصلي ركعتين، وابتهلي إلى الله تعالى بالدعاء أن يصلح حال زوجك، وأن يعينه على حسن تربية الأبناء، وأن يجعله قدوةً حسنةً لأبنائه و......... و........﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)﴾ (الفرقان)، فالدعاء من أنجح الوسائل.
2- تحسين وتجويد العلاقة بينكما وزيادة جرعات الحب: (إن المحب لمن يحب مطيع)؛ فبدون أرضية من الود والحب والتوافق والانسجام والتفاهم والتناغم لن يكون هناك استقبال ولا تأثر بما تطلبينه من زوجك.
3- اللوم والعتاب والتبكيت= خسارتك لزوجك وعدم تقبله لنصائحك.. لن تؤثري في زوجك إلا بالحوار الهادئ المبني على الاحترام والتقدير، ويا حبذا أن تستخرجي الموافقة من داخله لا أن تفرضيها عليه؛ لذلك أنجح الزوجات هي التي تصل إلى قلب زوجها بطريقةٍ غير مباشرة؛ فتحترم مكانته وذكاءه، ولا تجرح مشاعره، وتصل إلى ما تريد بهدوء ورفق عن عائشة- رضي الله عنها- قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك بالرفق، فإن الرفقَ لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه" (رواه مسلم).
4- اختاري الوقت المناسب للحوار: فلا يصح أن يكون وقت الخلل؛ تجنبًا للشحناء واشتعال شرارة الغضب، ولا يصح أن يكون أمام الأبناء؛ بل يكون في وقت صفاء وود، وبعيدًا عن مسمع ومرأى الأبناء.
5- تعاطفي مع زوجك وقدِّري مشاعره، واجعليه يدرك إحساسك بمعاناته قولي له: نحن نُقدِّر جهدك وتعبك وبَذْلك من أجلنا جميعًا، أعانك الله وبارك فيك، فكم تبذل وكم تعاني!.. ونحن نتمنى لك الراحة والاستجمام بعد مشوار التعب الأسبوعي، ومن أهم وسائل الراحة التي كان ينشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الصلاة بالمسجد، فكان رسولك الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول لسيدنا بلال رضي الله عنه: "أرحنا بها يا بلال".
6- استخدمي أسلوب التعزيز والتشجيع وبث روح تحمل المسئولية: أنت قائد أسرتنا وتاج رأسنا، وحضرتك طبعًا قدوة لأبنائك الذين تسعى وتتعب من أجلهم، وتريد تربيتهم ليكونوا جيلاً صالحًا ينفعونك في حياتك وبعد مماتك، فكل منا يحتاج ولدًا صالحًا يدعو له، وأهم وسيلة من وسائل التربية القدوة، وحضرتك أهم قدوة لأبنائك، فأنت المثل الأعلى بالنسبة لهم، وأنا- والله- مقدرة تعب حضرتك، لكن تحمل واتعبْ قليلاً من أجل أولادك، والأمر بإذن الله سيكون راحةً وليس تعبًا.
7- يمكن أن تستعيني بالوسائل المؤثرة مثل أشرطة الكاسيت والكتيبات عن: القدوة، صلاة الجماعة في المسجد، دور الأب في تربية أبنائه، وهكذا...إلخ.
8- من الممكن وبعد فترة من محاولاتك أن تستعيني بأصدقائه الحكماء المؤثرين فيه بأن تُخبريهم للعمل بطريقةٍ غير مباشرة على إصلاحه دون أن يخبروه طبعًا بلجوئكِ إليهم.
9- حسِّني علاقتك بالأبناءِ، وأصلحي باقي أيام الأسبوع، وزيدي جرعات الحب والود والحنان، وذكريهم بلطف وحب، واحرصي على تعظيم القدوة بالرسول- صلى الله عليه وسلم- واستعملي معهم أسلوب التشجيع والمكافآت، ودربيهم على سرعة الاستجابة للنداء مهما كانت الظروف، واربطيهم بدروس العلم في المساجد، وساعديهم على حسن اختيار الأصدقاء الصالحين، وإذا أحسنتِ العمل في باقي أيام الأسبوع فسيكون الأولاد عامل تشجيع وتحفيز لأبيهم في يوم إجازته بسرعة ذهابهم إلى المسجد عند سماع الآذان، ومَن يدري فقد يكونون قدوةً له؟
10- تعاملي مع زوجك بروح الأمل في إصلاحه، ولا داعي من التأسف واليأس وإغلاق الملفات وترك الإصلاح؛ فأنت تستطيعين- بإذن الله تعالى- تغيير الوضع بإخلاصكِ وبحسن أسلوبكِ وروحك الطيبة، وصبرك وجمال طريقتك، وإن ذلك لكائن بإذن الله.
بارك الله فيك، وأنجح الله جهدك، وأقرَّ عينك بزوجك وبنيك في ظلِّ طاعةِ الله تعالى والعمل لنصرة دينه.
وأعاننا على وقايةِ أبنائنا من النار.. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)﴾ (التحريم)، اللهم آمين.