إعداد: عبد الحليم الكناني
[ 1 ] فضيلة الداعية الشيخ: محمد الغزالي
[ 2 ] الأستاذ الشيخ: البهي الخولي صاحب كتاب "تذكرة الدعاة"
[ 1 ] فضيلة الداعية الشيخ: محمد الغزالي يتحدث عن الإمام البنا
[ أ ] القائد المربي
[ ب ] غصن باسق في شجرة الخلود
[ ج ] في ذكرى مجدد القرن الرابع عشر
[ د ] مقدمة كتاب.. دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين
[ أ ] القائد المربي:
فضيلة الشيخ محمد الغزالي |
"كان حسن البنا- حيث حل- يترك وراءه أثرًا صالحًا، وما لقيه امرؤ في نفسه استعداد لقبول الخير إلا وأفاد منه، ما يزيده صلة بربه، وفقهًا في دينه، وشعورًا يتبعه نحو الإسلام والمسلمين، والرجل الذي يشتغل بتعليم الناس لا يستطيع في أحيانه كلها أن يرسل النفع فيضًا غدقًا، فله ساعات يخمد فيها، وساعات يتألق وينير.
إن الإشعاع الدائم طبيعة الكواكب وحدها، وقد كان حسن البنا في أفقه الداني البعيد، من هذا الطراز الهادي بطبيعته لأن جوهر نفسه لا يتوقف عن الإشعاع.
سل الألوف المؤلفة التي التقت به.. أو التي أشرقت عليها الرجل في مداره العتيد، ما من أحد منهم إلا وفي حياته ومشاعره وأفكاره أثر من توجيهات حسن البنا، أثر يعتز به ويغالي بقيمته ويعتبره أثمن ما أحرزه في دنياه.
التقيت بالإمام الشهيد لأول مرة وأنا طالب في معهد الإسكندرية، وكنت شابًا تجتذبني دواعي التقى والعفاف، وتناوشني مفاتن الحضارة الوافدة من وراء البحار، فكانت الغرائز المستثارة تدخل في مضطرب مائج مع إيحاء الإيمان الموروث، واتجاهات الدراسة التي نتلقاها في علوم الدين... ونحن جيل مخضرم تلتقي في حياتنا تيارات متعارضة، وما كان يعلم إلا الله ما يجول في قلوبنا وألبابنا من أسى وتعقيد.
وقد أورثتني معاناتي السابقة لهذه الأحوال تقديرًا لمشاكل الشباب، ورقة شديدة لما يمرون به من أطوار، ثم أدركت أن الوعظ المجرد والتعليم العابر لا يجديان كثيرًا، وعندما استمعت إلى حسن البنا لأول لقاء تكشفت لي أمور كثيرة لا بد منها في صحة إبلاغ الرسالة وإمكان النفع الكامل بها.
ليس الداعية إلى الله، أداة ناقلة، كالآلة التي تحمل سلعةً ما من مكان إلى مكان، وليست وظيفته أن ينقل النصوص من الكتاب والسنة إلى آذان الناس، ثم تنتهي بعد ذلك مهمته.
كانت لدى حسن البنا ثروة طائلة من علم النفس، وفن التربية، وقواعد الاجتماع، وكان له بصر نافذ بطبائع الجماهير، وقيم الأفراد، وميزان المواهب... وهذه بعض الوسائل التي تعين على العودة وليست كلها.
والوسيلة التي تعتبر طليعة غيرها، ولا تؤتي الدعوة إلى الله ثمارها كاملة إذا لم تتوافر لها، هي إلهام الله للداعية أن يتخير موضوعه المناسب، وأن يصوغه في الأسلوب الذي يلقى هوى في أفئدة السامعين، ويترك أثره المنشود في نفوسهم وأفكارهم.
إن القذيفة قد تنطلق، كاملة العناصر، تامة القوة، ولكنها تقع بعيدة عن مرماها، فتذهب هدرًا، وما أكثر الخطباء الذين يرسلون من أفواههم حكمًا بالغة تنطلق هنا وهناك، كما ينطلق الرصاص الطائش، لا يصيب هدفًا ولا يدرك غرضًا.
وحسن البنا كان موفقًا في اصطياد الرجال، وكانت كلماته البارعة تأخذ طريقها المستقيم إلى عقو