في مقال بصحيفة "‘لوموند" الفرنسية، تحت عنوان: "هوس فرنسا الغريب بتركيا في المغرب العربي"، قال جان بيير فيليو، المؤرخ الفرنسي، والأستاذ الجامعي في تاريخ الشرق الأوسط بكلية العلوم السياسية في باريس، إن الرئيس ماكرون يستهدف فقط تركيا في تدخلاته بشأن المنطقة المغاربية، حيث تعمل روسيا والإمارات على تقويض نفوذ فرنسا ومصالحها. ويتهم ماكرون أنقرة بالقيام بـ‘"عمليات دعاية وتضليل"’ ضد فرنسا في المنطقة المغاربية.

ومن خلال تركيزه المبالغ فيه على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ينسى إيمانويل ماكرون أن التهديدات الأكثر خطورة على النفوذ الفرنسي في المنطقة المغاربية تأتي من روسيا والإمارات، اللتين اصطف بشكل سري معهما بالإضافة إلى السعودية مصر، لدعم قوات المشير خليفة حفتر في ليبيا. وقد دفع هجوم حفتر على طرابلس بحكومة طرابلس المعترف بها من الأمم المتحدة إلى أحضان تركيا، التي قلب تدخلها في ليبيا الموازين العسكرية وزعزع صفوف المرتزقة الروس الداعمين لحفتر، كما يوضّح الكاتب.

واعتبر جان بيير فيليو، أن ماكرون يتناقض مع نفسه حين ينتقد المنظومة السياسية- العسكرية القائمة على العداء الفرنسي في الجزائر، دون ذكر روسيا الشريك العسكري الأول للجزائر. فرغم ذلك، فإن نظرة باريس تجاه أهداف موسكو في المنطقة المغاربية تبدو "‘متسامحة"’، مقارنة بنبرتها "‘العدائية"’ حيال أهداف أنقرة في المنطقة.

وتابع الكاتب القول إن معاهدة السلام الموقعة في سبتمبر من العام الماضي بين "الكيان" والإمارات، رفعت تحفظات الإليزيه المتبقية بشأن دبلوماسية أبو ظبي، حيث غذت كل عاصمة هوس الطرف الآخر المناهض لتركيا، لكن الكاتبَ يقول إنه يجب ألا تنسى فرنسا بأن محمد بن زايد نفسه يقيم علاقات ‘‘مخزية’’ مع أعدائها المعلنين، في مقدمتهم الرئيس الشيشاني قديروف. كما أن وليّ العهد الإماراتي الذي "‘أذلته"’ نكسات حليفه حفتر في ليبيا، سعى إلى "‘الانتقام’" من خلال "تخريب" التجربة الديمقراطية في تونس، إذ لعب التحفيز والتحريض من أبوظبي والقاهرة دورا رئيسيا بالفعل في قرار الرئيس قيس سعيد في يوليو الماضي "تعليق" العملية الدستورية في تونس.

أما المغرب -يقول الكاتب- فقد شجع ابن زايد تطبيع الرباط علاقاتها مع تل أبيب، مقابل اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسيادة الرباط على الصحراء الغربية. لذلك، فإن الإمارات لا تلعب دور "حفّار قبور" الانتقال الديمقراطي في تونس فحسب، بل تلعب أيضا دورا في التصعيد المستمر بين الجزائر والمغرب، مع انهيار العلاقات الدبلوماسية وحظر المجال الجوي بين البلدين.