دأب قائد الانقلاب على التنصُّل من المسئولية وتحميلها للشعب المغلوب على أمره، كما أمعن في التهديد والوعيد بإنزال جيش الكفتة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية والترع والجسور ، وأرغى وأزبد فقال :

 "إن أجهزة الدولة _ داخلية ومحافظين _ ستتولى المواجهة ، ولو تطلب الأمر .. فسيقوم الجيش بتلك المهمة" .

كما أمر الجيش وداخلية الانقلاب بالتعاون لإزالة جميع مخالفات البناء في ظرف 6 شهور فقط قائلاً : "مش هقبل ان حد يتعدى على اللى بعمله .. اللى بعمله فوق الخيال .. محدش يغتصب أرض الدولة ونقول عشان مصلحتهم ، مش هنتحايل على حد ، هو انتم تاخدوا أرض الدولة واتحايل عليكم".

وفي الحقيقة .. كان الأولى بهذا التهديد والوعيد .. إثيوبيا .

كان الأولى بجيش"الكفتة والخيار" أن يُوجَّه إلى إثيوبيا التي تعدت على النيل في وضح النهار، وهي ماضية فى مشروع التعدي  لاستكمال السد وتوليد الطاقة،  وإهدار حقوق مصر التاريخية في مياه النيل دون رادع !! .

والسؤال هنا: هل يمكن أن يكون هناك تعدٍ على النيل أفظع من تعدى دولة إثيوبيا؟!!

وكما يقول جمال حمدان رحمه الله : "ظهر لمصر منافسون ومطالبون ومدّعو هيدرولوجيا .

كانت مصر سيدة النيل _ بل مالكة النيل الوحيدة _ الآن فقط انتهى هذا إلى الأبد ، وأصبحت شريكة محسودة ومحاسبة ورصيدها المائي محدود وثابت وغير قابل للزيادة، إن لم يكن مرشحاً للنقص، والمستقبل أسود" اه.

والطريف أن التعديات التى يتحدث عنها قائد الانقلاب والموجودة على النيل هى خاصة بنوادى القضاة والشرطة والقوات المسلحة والإعلاميين والسينمائيين وقاعات الأفراح والعديد من المنشآت الخاصة بكبار القوم ! .

والصحيح هو إعطاء الشعب" تمام" بإزالة هذه التعديات .

وقد وجّه حديثه إلى المحافظين ومديري الأمن قائلاً :

«لا .. مفيش حاجة اسمها الكلام ده، البلاد ما بتجيش بالدلع والطبطبة، البلاد بتيجي بالجدية والعمل والانضباط والالتزام، ولازم كلنا نبقى مقتنعين بكدا حتى لو بنمارس الخطأ ، نبقى عارفين إن أنا بعمل غلط وهتحاسب عليه».

«أنا مفيش بينى وبين حد خصومة، أنا بيني وبين الباطل والشر والتعدي والظلم .. خصومة».

 ولايعلم هذا الظالم الطاغية أن خصومته مع جُلّ الشعب المصري من الشيوخ والشباب والنساء والأطفال .

فقد استباح  سفك الدماء المعصومة، وزجَّ بالآلاف فى السجون والمعتقلات، وفرط في ثروات البلاد، وباع الغاز وباع تيران وصنافير ، وفرط في مياه النيل .

 ويكفى أن ظلمه طال الجميع حتى من أيدوه واستدعوه ليأتي على ظهر الدبابات ليخلصهم من حكم الإخوان ! ظنَّا منهم أن العسكر سيسلم لهم السلطة بعد التخلص من الإخوان !! .

وفى اليوم التالي قال: "والله الل بيتعمل فيكي يا مصر لم يخطر في بال حد، وده قسم عظيم ، الناس مش عايزة تغير وقاعدة تتفرج وتبص وهي ساكتة، محدش بيغير المنكر ويرفضه ، انت بتقول كده ليه؟ بسجل ليكوا انتوا بتعملوا إيه لبلدكم" .

ولا أدري ماذا يقصد بالذي يتم فى مصر هل يقصد مايقع فيها من مظالم على يديه وتحت سمعه وبصره؟ وقد غرَّه حلمُ الله عليه وعلى أمثاله من الطغاة الظالمين؟؟ .

أم يتحدث عن مشروعه الذي يقصد دمار وخراب مصر من خلال سيطرة الفاسدين ونشر الفساد فى كل المجالات؟؟.

وذلك فضلاً عن الحملة الممنهجة للنيل من ثوابت الدين فى كل مناسبة!! .

 وكما يقولون: "من صفات الطاغية الظالم أنه يعتبر كل ما يقوم به من تصرفات وأفعال عبثية هو عين الصواب، وأنه لا يمكن أن يكون على خطأ، حتى ولو اقترف أكبر الموبقات وكبائر الإثم، فهو في نظره الصواب المطلق ! ! .

وبالتالي لايعترف بخطئه ويبحث دائما عن شماعة يعلق عليها أخطاءه، وهي في هذه المرة شماعة الشعب المغلوب على أمره ، أما هو فمن المستحيل أن يخطئ، وللأسف فإنه يجد من يروج له ذلك من المنتفعين والمرتزقة وإعلام مسيلمة الكذاب، الذين يروجون أن الطاغية شخص جيد ولكن  العيب يكمن  فيمن حوله !! .

وبالتالي لايمكن لشخص مهووس مثل قائد الانقلاب أن يعتذر عن خطأ _اعتقادًا منه أن الاعتذار من شيم الضعفاء وعديمي الشخصية _ .

 بلاشك فإن الطاغية مدرك لتصرفاته ، وهو يعرف أنه على خطأ، و يعرف أن الظلم مذموم وعواقبه وخيمة، لذا فهو يسعى جاهدًا للهروب من النصوص الدينية التى تحرم الظلم ، ويكرهها، ويحاول إضعافها والتهوين من شأنها، والجرأة عليها، لأنه يعلم أنه مسئول عنها ذات يوم، بل تجد أنه يخاف ويكره الدعاء على الظالمين ! .

والظالم لا يمكن أن يعترف بظلمه أمام الناس، فهو يتظاهر أمامهم أنه شخص عادل، وأنه حكيم ويتصرف بكل حكمة، ويرفض أي اتهام له بالظلم، بل يضع نفسه فى خانة المظلومية ويتظاهر بأنه مظلوم  لتبرير أفعاله القبيحة بهدف إبعاد تهمة الظلم عنه، فيلجأ الظالم للشكوى من أنه يعمل ويجتهد ولكن هناك من يعرقل إنجازاته، وهذا ملاحظ من حديث الطاغية فى كل مناسبة عن أهل الشر !! .

 وحسبنا الله ونعم الوكيل