في ذكرى استشهاد الدكتور "عبدالعزيز الرنتيسي"

• أذكِّر بكلمة الشيخ احمد ياسين: "ضربونا فارتفعنا.. وضربناهم فارتفعنا"

• أبسط يدي لكل الإخوة في الفصائل الفلسطينية كي نكون صفًّا واحدًا

• لا نتطلع إلى كراسي ولا نتنافس على مناصب.. فنحن طلاب شهادة

• تعانقت أيادينا في هذه الحياة الدنيا على الزناد وغدًا ستتعانق أرواحنا في رحاب الله

• الرد على اغتيال شيخ الانتفاضة هو عنوان المرحلة

• لم نبسط في يوم من الأيام يد العداء للسلطة الفلسطينية

• أشعر بثقل الأمانة وسأعمل للحفاظ على البندقية والوحدة الوطنية

حوار- إخوان أون لاين:

الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي - الذي اختير قائدًا لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة خلفًا لمؤسس الحركة وزعيمها الروحي شيخ الشهداء " أحمد ياسين "- أحد أبرز القيادات التاريخية في الحركة، ومن الذين شاركوا الشيخ الشهيد في وضع اللبنات الأولى للحركة الإسلامية في فلسطين.

ويتمتع "عبدالعزيز الرنتيسي" بصفات جعلته محبوبًا بين صفوف الحركة، ومنها: بساطته وأصوله المتواضعة كابن أحدِ مخيمات اللجوء في غزة، وبروزه كمُدافعٍ صلبٍ عن أطروحات الحركة، وصموده في السجون الصهيونية، وسجون السلطة الفلسطينية.

ارتبط عبد العزيز الرنتيسي منذ عودته من مصر بالشيخ الشهيد، وذلك بعد إنهاء دراسته للطب، وعمل معه وبجواره في الحقل الإسلامي كتلميذ ورفيق جهاد سنوات طويلة قبل الإعلان عن تأسيس حركة حماس عام 1987 م، وقاد عملاً جماهيريًّا ونقابيًّا خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى؛ ممَّا أدى إلى اعتقاله عده سنوات.

وقد شهدت حياته تحولاً كبيرًا عام 1993 م عندما أبعد مع عشرات من نشطاء حماس والجهاد إلى لبنان بقرار من رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق "إسحاق رابين".

وتولى عبد العزيز الرنتيسي- الذي انتخب ناطقًا باسم المبعدين- قيادة المعسكر الذي وجد فيه الأسرى أنفسهم في منطقة مرج الزهور فيلبنان.

وكانت فترة الإبعاد فرصة للتواصل مع زعامات فلسطينية كانت موجودة في الخارج، وتمثل قوى راديكالية يسارية وقوى إسلامية وأخرى من حركة فتح، والأهم الالتقاء مع زعماء الحركة في الخارج، إضافة إلى تمتعه بعلاقات طيبة ومباشرة مع كوادر وأعضاء الحركة الإسلامية في الضفة الغربية.

وعندما عاد المبعدون إلى فلسطين مرة أخرى لم يعد عبدالعزيز الرنتيسي إلى بيته؛ ولكن إلى زنازين الاحتلال الصهيوني ؛ حيث قضى عدة سنوات قبل أن يطلق سراحه، ويعود إلى غزة في ظروف جديدة بعد قيام السلطة الفلسطينية فيها.

وأصبح عبد العزيز الرنتيسي عنوانًا للاتفاق أو الاختلاف مع السلطة، ففي حين تتوتر العلاقات بين السلطة و حماس يجد عبد العزيز الرنتيسي نفسه في السجن، وعندما تتحسن العلاقات يجد عرفات في استقباله يمنحه عشرات القبل؛ ولكن المعادلة اختلفت في الأشهر الأولى لانتفاضة الأقصى عندما تصدى نشطاء حماس لرجال أمن السلطة الذين جاءوا لاعتقال عبد العزيز الرنتيسي، وكان ذلك إيذانًا بوضع قواعد جديدة للعلاقة.

والآن يتعين على عبد العزيز الرنتيسي أن يقود الحركة في ظروف صعبة بفقدان الشيخ أحمد ياسين ، وهي خسارة لا تعوض للحركة، وأيضًا بخسارة الشهيد الدكتورإبراهيم المقادمة، مُنظِّر الحركة الذي اغتيل هو الآخر قبل نحو عام، ثم خسارة الشهيدين: الشيخ صلاح شحادة، والمهندس إسماعيل أبو شنب ، إضافة إلى العشرات من كوادر الحركة في الضفة الغربية الذين قضوا نحبهم اغتيالاً أو غيَّبتهم سجون الاحتلال.

وبعكس الصورة التي يظهر فيها عبد العزيز الرنتيسي على الإعلام، فهو رجل بسيط حاضر البديهة، وطيب (المعشر) كما يصفه عارفوه.

بعد الإعلان عن اختياره لقيادة الحركة التقيناه بصعوبة نتيجة الظروف الأمنية التي يعيشها؛ حيث وضعته دولة الاحتلال على رأس قائمة الاغتيالات، ولم يعد من السهل عليه الالتزام بموعد أو مكان محدد؛ حيث تحاول طائرات العدو في الجو، وعملاء الاحتلال على الأرض، رصد حركته على مدار الساعة.

قلنا له:

* بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على اغتيال القائد والمؤسس الشيخ أحمد ياسين تم الإعلان- في مهرجان تأبين الشيخ الشهيد- عن اختياركم خليفة له.. كيف تم ذلك؟

** استنادًا للوائح الداخلية ل حركة حماس ، والتي جرى بموجبها انتخاب الشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين في حينه قائدًا للحركة، وتم انتخابي نائبًا له؛ استنادًا لهذه اللوائح فإن النص يقول: إنه في حال غياب الشيخ احمد ياسين لأي سبب كاستشهاده، يقوم نائبه مقامه، وبناءً عليه تمَّ اختياري لأقود الحركة في قطاع غزة.

نحن- واحترامًا لدم الشيخ- لم نشأ أن نبادر بالإعلان عن القيادة الجديدة للحركة، وقررنا أن يكون ذلك بعد الانتهاء من (بيت التهنئة) "في استشهاد الشيخ"، وفي نفس الوقت كنت أمارس عملي كقائد للحركة، نحن لدينا لوائح وأنظمة واضحة تقول بأنه في حال غياب قائد الحركة، فإن النائب يحل مكانه، وهو ما حدث بالفعل.

* لكن هل هو أسلوب جديد أن تلجأ الحركة إلى الإعلان بهذه الطريقة رغم أن قيادتها من المفترض أن تكون سرية؟

** لم يكن سرًّا أن الشيخ احمد ياسين هو قائد الحركة، كما أن الإعلان عن اسمي لا يضيف جديدًا؛ لأنني مستهدف من قِبَل قوات الاحتلال، ثم إن الحركة تحتاج إلى عنوان واضح: "قيادة يصل إليها الجميع من سلطة وفصائل وأفراد عاديين".

* كيف تقيمون طبيعة العلاقة بين قيادة حماس بالداخل والخارج؟

** المحللون يتكلمون عن أمور بعيدة عن الحقائق، وينشرون كثيرًا من الأوهام والأضاليل، وأحب أن أؤكد أننا لا نتطلع إلى كراسي ولا إلى مناصب، ولا نتنافس على مَن يكون الرئيس أو نائب الرئيس، نحن أولاً وأخيرًا طلاب شهادة، ولا يهمنا مَن يصل إلى أيِّ منصب عبر الطريقة المتبعة في الحركة؛ لكنني أؤكد أنه ما من قرار- صغيرًا كان أو كبيرًا- إلا ويتم اتخاذه بالشورى بين الداخل والخارج وبقية الإخوة، ليست هناك قرارات فردية في الحركة، ونؤكد أننا حركة مؤسسات، وسنظل مستمرين على هذا النهج.

* بعد توليك هذه الأمانة الصعبة.. ما القضايا التي تراها على رأس أولويات حماس؟

** أقول ما أفكر فيه اليوم ترسيخ قواعد الوحدة الوطنية في الشارع الفلسطيني؛ لذلك أنا أبسط يدي لكل الأخوة في الفصائل الفلسطينية؛ كي نلتقي ونكون صفًّا واحدًا؛ عملاً بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ (الصف: 4)، فالشيخ الشهيد كان يعتبر عنوانًا للوحدة الوطنية، و حماس - دومًا- كانت حريصة على تعزيز هذه الوحدة، وستستمر على ذلك بعد استشهاد شيخها الجليل، وستعمل دومًا بما يخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني وتعزيز وحدته الوطنية.

الواقع أن شعبنا يعيش في مأساة في ظل المجازر والاحتلال وتدنيس الوطن؛ ولذا فإن مقاومة الاحتلال هي الهمُّ الأكبر اليوم، وهنا أؤكد استمرار الحركة في ذات النهج القائم على مقاومة الاحتلال، وسيكون الردُّ على جرائم الاحتلال الصهيوني، واغتيال الشيخ احمد ياسينعنوان مرحلة ما بعد استشهاد مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين .

* لكن كيف يمكن أن يكون هذا الردُّ؟ وهل هناك تعليمات للجناح العسكري بهذا الشأن؟

** أمام كتائب القسَّام الأبوابُ مفتوحة، وكل الخيارات قائمة، إن الردَّ على اغتيال الشيخ احمد ياسينسيكون ردًّا يشفي الصدور، والأمر منوط بكتائب القسام فلا تستعجلوا، فنحن لا ننسى دماءنا، وأعني بنحن: حركة فتح وكتائبها، حركة الجهاد وسراياها، الجبهة الشعبية وكتائبها، الجبهة الديمقراطية وكتائبها، وحماس- وما أدراك ماحماس - وكتائبها.. فُندقُ المقاومة فيه متَّسعٌ للجميع.

لكن جرائم الاحتلال لن تتوقف؛ بل ستتصاعد إذا ما نفذت الحركة مزيدًا من العمليات، وأنت شخصيًّا على رأس قائمة الاغتيالات؟

بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين أصبحت حربُنا مع الكيان الصهيوني حربًا مفتوحة، وحكومة شارون الإرهابية مستمرة في سياسة الاغتيالات ولا يردعها– في ظل الدعم العالمي لها – سوى اشتداد المقاومة وتوجيه الضربات العينفة الموجعة داخل هذا الكيان الصهيوني المجرم.

شارون وحكومته يظنون خطأ أنهم باغتيال هذا الشعب ومقاوميه وقيادته سيحدون عزيمته وعزيمة فصائله، والواقع أنهم في وَهْمٍ كبير، وفشل شارون في توفير الأمن للصهاينة مستمر وسوف يستمر- بإذن الله- باستمرار المقاومة الفلسطينية بضراوة أكبر وأشد، وفي ظل تعزيز الوحدة الوطنية داخل الشعب الفلسطيني عقب استشهاد الشيخ احمد ياسين.

وأقول لكم لأطمئنكم: لو رحل عبد العزيز الرنتيسي والزهَّار وهنية ونزار ريان وسعيد صيام والجميع، فوالله لن نزداد إلا لُحمة وحبًّا، فنحن الذين تعانقت أيادينا في هذه الحياة الدنيا على الزناد، وغدًا ستتعانق أرواحنا في رحاب الله- إن شاء الله- لذلك فليغزل على غير هذا المغزل شارون والصهاينة والمتربصون، ومسيرتنا متواصلة، ودربنا صعب؛ ولكنه الدرب الوحيد الذي يصل بنا إلى ما نصبو إليه؛ ولذلك لا ضعف ولا استكانة ولا هوان على الإطلاق.

* هل تشعر بالفعل بأن الشيخ أحمد ياسين ترك فراغًا كبيرًا وراءه؟

** نعم، إن الفراغ الذي تركه الشيخ كبير جدًّا، ولا يمكن على الإطلاق إشغال هذا الفراغ؛ لكن الشيء الوحيد الذي ملأ هذا الفراغ هو استشهاد الشيخ نفسه، بما أحدثه من رِدَّة فعل واسعة في مختلف دول العالم، خاصة عند الشعب الفلسطيني.

الحركة الإسلامية كثيرًا ما أصيبت في مسيرتها، وفقدت الكثير من قيادتها وعناصرها؛ لكن الحركة استمرت وواصلت عملها؛ لأن هذه سنة الحياة، وقد توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي– رضي الله عنهم– واستمرت مسيرة الإسلام.

* هل غياب الشيخ سيؤثر على توجهات وقرارات الحركة؟

** الواقع أن الحركة تأخذ الطابع المؤسساتي وتحكمها الشورى، وبالتالي لا توجد قرارات فردية لا في زمن الشيخ ولا بعده، ونحن تحكمنا الشورى في كل مجالات عملنا، وأثبت قادة حماس أنهم نمط متميز، وأنهم على مستوى المسئولية، وأحب أن أؤكد أن الحركة ستشكل دائمًا الموقف التجميعي لكافة القوى الوطنية والإسلامية، لقد تتلمذنا على يد الشيخ، وتشربنا هذه القيم والمبادئ، وسنسير عليها بإذن الله.

* كونك أصبحت قائدًا للحركة في غزة.. ما الذي سيضيفه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي للحركة؟

** نحن سنسير على نهج الشيخ احمد ياسين، وفي كنف مبادئه وحكمته، والحركة كانت في زمن الشيخ في صعودٍ مستمرٍّ، ونحن سنحافظ على استمرارية الصعود للحركة.

هناك محللون يقولون إن إسرائيل (الكيان الصهيوني) تركز بشكل قوي على حركة حماس لأهداف كثيرة، منها: تصفية المقاومة، أو تدشين مرحلة سياسية جديدة.. هل ترى أن إسرائيل (الكيان الصهيوني) تعمل على إخلاء غزة من حماس لهذه الأهداف؟

نعم، أتفق معك على أن هذا يريده العدو وما يخطط له؛ لكني أؤكد أن ذلك لن يتحقق بإذن الله، أنا على ثقة بأن شارون لو استقبل من أمره ما استدبر لما أقدم على اغتيال الشيخ بعد هذه الهبة العالمية التي اذهلت شارون وكيانه.

الحركة كان يراد لها أن تضعف؛ لكنها قويت على كل المستويات المحلية والعربية والدولية؛ بل ما حدث هو العكس.. المخططات الصهيونية لإضعاف الحركة هي التي ضعفت، وبالتالي ارتد سهم شارون إلى نحره.

نحن نؤكد أن الحركة تنتفع كثيرًا، بما يرتكب قادة العصابات الصهيونية من حماقات.. ارتفعت عندما أبعدوا قادة الحركة إلى مرج الزهور، وارتفعت عندما حاولوا اغتيال خالد مشعل، وارتفعت عندما حاولوا اغتيال قادة حماس، والآن ترتفع ارتفاعًا كبيرًا باغتيال الشيخ.

* كيف تفكر حركة حماس بالتصدي لمثل هذا المخطط؟ أي إجراءات ستتخذونها مثلاً؟

** أذكِّر بكلمة الشيخ احمد ياسين: "ضربونا فارتفعنا.. وضربناهم فارتفعنا".

بمواجهتهم وجهادنا ضدهم نرتفع، هم كم سيقتلون منا؟ هل يمكن إبادة الشعب الذي يلتف حول هذه الحركة؟ هذه الحركة فيها من القيادات والطاقات ما يذهل العدو؛ لذلك أنا لست قلقًا من هذا المخطط؛ بل أشعر بأن هذا الاستهداف يزيد من تعاظم الحركة وقوتها، هذا الاستهداف لا يأتي في إطار رضا العدو؛ لكنه مرغم على ذلك، وكثيرًا ما كانت حساباته خاطئة، وأدت إلى عكس ما كان يتوقع.

* نعود لنفس السؤال.. لماذا تركز إسرائيل (الكيان الصهيوني) الآن على حماس بالذات؟ هل تعتقد مثلاً بأنها قد فرغت من قيادة حماس في الضفة، والآن تريد تركيز جهودها على القادة في غزة ؟

** هم واهمون في هذا الأمر، هم يظنون أن استهداف الحركة سيمكنهم من تمرير المخططات؛ حتى إن تمكنوا من إضعاف حماس، فلن يتمكنوا من إضعاف حماس .. فلن يتمكنوا من تحقيق مخططهم؛ لأن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بالدنية، أو يطأطئ الرأس أمام المخططات الصهيونية، وأعتقد جازمًا بأنهم لن يحققوا ما يريدون؛ حتى لو تمكنوا من رقبة حماس ؛ فما بالك إذا لم تتمكنوا من ذلك!

* ألا تعتقد أن هناك أطرافًا عربية وغيرها تشارك في هذا التوجه لإضعاف حماس باعتبارها في نظرهم عقبة في طريق المسيرة السياسية؟

** هناك من يربط مستقبله ووجوده بعجلة العدو الأمريكي الصهيوني، وهؤلاء يظنون أن قوة حماس تهدد وجودهم السياسي.. أنا أقول بأنهم مخطئون في ذلك؛ فالحركة إن قويت شكلت لهم قوة تساندهم في وجه الطاغوت الأمريكي، الذي يريد أن يعصف بالجميع، ويفرض عليهم الهيمنة، ويدمر ما بقي في الأمة من قيم وأخلاق، وأعتقد أن الذين يسارعون في مرضاة أمريكا والعدو الصهيوني مخطئون وواهمون، ويرتكبون خطأ فادحًا؛ فالحركة ستكون دائمًا اليد الحانية وطوق النجاة لكل من يحتاج إلى هذه النجاة.

العلاقة مع السلطة

* وكيف ترى علاقتكم بالسلطة الفلسطينية؟ هل من جديد؟

** حماس لم تكن في يوم من الأيام لتبسط يد العداء للسلطة؛ حتى إنها حماس في أحلك الظروف كفَّت يدها، وامتنعت عن توجيه البنادق إلا إلى صدر العدو، وهذه المواقف يجب أن تسجل لهذه الحركة المجاهدة.

نحن سنكون أقرب إلى تحقيق ما نصبو إليه من التقاء وتقاطع مع السلطة في ظل يأس السلطة من الوصول إلى أي تسوية.

* يعني أنكم تدعون السلطة للتخلي تمامًا عن مسارها السياسي؟

** في الواقع فإن السلطة لا تزعم أن هناك مسارًا سياسيًّا، ونحن ندعو السلطة إلى الالتقاء والعمل معًا من أجل حماية شعبنا وقضيتنا، وفي نفس الوقت لا بد من تنظيم حياتنا الداخلية في ظل العدالة والاستقرار والابتعاد عن التمييز الفئوي.

* هناك من كان ينظر إلى د. عبد العزيز الرنتيسي على أنه متشدد في مواقفه تجاه السلطة بالذات، خاصة بعد تجربته مع السلطة، وبالذات فترات الاعتقال.. هل هذا سينعكس على سياسته تجاه السلطة؟

** أنا دائمًا كنت صادقًا مع نفسي، ولم أكن متجنيًا على السلطة، وأول احتكاك لي مع السلطة كان في قضية اغتيال محيي الدين الشريف، التي وجهت فيها أصابع الاتهام للاحتلال وليس للسلطة؛ لكن السلطة أرادت أن أنزع هذا الاتهام عن الاحتلال، ومن هنا حدث الاختلاف، وحدث التوتر، وأيقنت حينها أن السلطة كانت مرغمة على اعتقالي.

أنا اليوم على رأس القيادة في قطاع غزة؛ حيث وجود السلطة، وبالتالي أشعر بثقل الأمانة، وسأعمل على خطين متوازيين: الخط الأول المحافظة على البندقية، والخط الآخر المحافظة على الوحدة الوطنية.

* هل تتوقعون أيَّ احتكاكات مستقبلية مع الحركة؟

** من جانبنا فـ"لا" على الإطلاق، ونرجو أن تكون سياسة السلطة مع الحركة سياسة معتدلة. حماس هي من هذا الشعب، وعلى رأس المقاومة التي تدافع عن الشعب، ويجب أن يقدر ل حماس

ما بذلت وما قامت به، وألا تُبخس شيئًا، وأعتقد أننا سنحرص كل الحرص على أن نكون دائمًا باسطي أيدينا لإخواننا في السلطة لإفشال المخططات الصهيونية.

* نظرتك للرئيس عرفات.. وكيفية التعامل معه؟

** لا ننكر على الرئيس ياسر عرفات رئاسته، فنحن من هذا الشعب الذي يرأسه، ونتعامل معه من هذا المنطلق، ونسأل الله تعالى أن يتعامل معنا بما لا يكون فيه تبخيس للحركة كعضوٍ فاعلٍ لصالح الشعب والقضية.

* مع ازدياد قوة حماس ورصيدها الشعبي.. يتوقع الجميع منها أن تقدم بديلاً ورؤية واضحة للحالة الفلسطينية.. هل ل حماس برنامج آخر إضافة إلى برنامج المقاومة؟

نحن نعيش مرحلة تحرر وطني، وهي مرحلة مقاومة، ولا نرى أن هذه هي مرحلة تشكيل سلطة، أَمَا وقد قامت السلطة، فإننا لن نشارك فيها، وقررنا أن نقدم للسلطة النصح والمساندة على ألا يكون ذلك على حساب القضية أو على حساب الإصلاح الذي يجب أن يسود الشارع الفلسطيني.

أؤكد أننا لا نسعى للحصول على كرسي، فنحن طلاب شهادة؛ لكن سنساعد السلطة في النهوض مما نعتقد أنه كبوة حدثت للسلطة في (أوسلو)، وستجد فينا الأخ المساند الداعم المؤيد.

* ما نوع المساندة؟

** نحن جنود للقضية الفلسطينية، سنعمل في كل ميدان لخدمة القضية؛ لكن في ظل العدالة والبعد عن التمييز والحفاظ على الثوابت الوطنية.

* ما رأيكم في تأجيل القمة العربية؟

** القرار كان مفاجئًا للجميع؛ لأن الشعوب العربية كانت تأمل أن تكون هناك نقلة في الوضع العربي، ترقى إلى مستوى التحديات، وتعمل على دعم القضية الفلسطينية والحقوق العربية.

صحيح أنه حصل إحباط كبير؛ لكن حماس تعمل بشكل مستقل، وتواصل جهادها ومقاومتها، وأود أن أشير إلى أن تأجيل القمة عكس وضعًا يؤكد ضرورة الإصلاح والتغيير والحكم بما أنزل الله؛ حتى نخرج من هذا الواقع المؤلم.