رسالة من أ. د. محمود عزت- القائم بأعمال فضيلة المرشد العام
ما كان للمغتصب الصهيوني وشريكه الأمريكي أن يبلغا ما بلغا من الاستكبار والعدوان على الأمة الإسلامية ومقدساتها وتحدي القيم الإنسانية والشرعية الدولية إلا عندما مزق الحكام العرب أمتهم الإسلامية شيعا يذيق بعضهم بأس بعض. أما النظام العالمي ومنظماته الدولية فلا تحركهم إلا المطامع والمصالح, فقد مكنت الشرعية الدولية الصهاينة من كل ما اغتصبوه من فلسطين العربية الإسلامية قبل عام 67، ولم تُلزمهم برد ما اغتصب بعدها. واليوم يراد بالشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية أن يخونوا أماناتهم ومقاومتهم المشروعة في كل الشرائع والأعراف والمواثيق الدولية التي لولاها ما بقيت مقدسات ولا خفّف من حصار أو حرّر من أسير.
وفيما يسمى بالصفقة (المشئومة) تُصر الولايات المتحدة التي تقود النظام العالمي على:
1- أن تحجب كل المنظمات الدولية مساعدتها عن كل فلسطيني لا يتنازل عن حق عودته إلى أرضه.
2- أن يدعم النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الحكامَ المستبدين في الضغط والتنكيل بشعوبهم حتى توقف كل نضال سلمي أو دعم مادي للمقاومة المشروعة.
3- أن يسلّم المجتمع الدولي - على اختلاف أيدولوجياته وأديانه - بيهودية الدولة على أرض فلسطين، بما فيها القدس، وأن القدس والأقصى ليسا خالصين للمسلمين، وعلى الفلسطينيين والمسلمين جميعا قبول التقسيم الزماني والمكاني لهما.
4- أن يقوم المجتمع الدولي بالضغط على الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية للاعتذار لكل من المحتل الصهيوني والمنظمات الدولية عن تلكئهم في قبول قرار تقسيم فلسطين حتى لا يضيعوا الفرصة الأخيرة المتاحة لهم في صفقتهم المشئومة.
وفي مواجهة هذا العتو والاستكبار الصهيوني الأمريكي وتجاهُل المجتمع الدولي حقوق الفلسطينيين في حماية مقدساتهم وضعف - أو تواطؤ - حكام العرب والمسلمين مع العدو الصهيوني والمجتمع الدولي، اتجهت الشعوب العربية والإسلامية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، نحو تلبية دعوات توحيد الصف تحت الراية الإسلامية، والتي كان أكبر مظاهرها صلاة الفجر العظيم في الأقصى والمسجد الإبراهيمي وفي كل من الضفة وغزة وبعض مدن العالم الإسلامي، وما أعقبها من احتجاجات شعبية تلقائية، تطالب الحكام العرب والسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي بوقف كل تعاون مع العدو الصهيوني.
والأمل معقود على تنامي هذه الصحوة الإسلامية في كل الأرض الفلسطينية، ثم هو معقود على أن يصبح كل فجر من أيام الله فجرًا عظيمًا، تقيمه كل شعوب الأمة الإسلامية نصرةً لفلسطين، لا يصرفنا عن ذلك ما نعانيه من حكامنا المستبدين المفسدين، من قتل أو تشريد أو غلق لكل منافذ الدعوة، وأحسب أن اقتراب شهر رجب شهر الإسراء سيكون حافزًا على استجابة عموم المسلمين في أرجاء الأرض لهذه الدعوة.
فلنعقد العزم ولنحسن الإعداد ونوحّد الصفوف، ثم نصبر ونصابر ونرابط، وليكن أول رباطنا في المساجد حتى تكون انتفاضة شعبية عالمية تنطلق من المساجد لحماية الأقصى وكل المقدسات الدينية من الاحتلال الصهيوني والاستكبار الأمريكي وتخلي المجتمع الدولي عن قيمه الإنسانية "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ".
وإذا كانت هناك صفقة فلتكن صفقة أمة مع ربها، لا ترجو جزاءً إلا منه "تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ".