أصدرت عدة منظمات حقوقية بيانًا رسميًا مشتركًا، عبروا فيه عن موقفهم من ممارسات سلطات الانقلاب مع الطفل في مصر، وذلك تزامنًا مع "اليوم العالمي للطفل".

وسلط البيان الضوء على عدة نواحٍ سياسية واقتصادية واجتماعية، يتعرض لها أطفال مصر، من إهدارٍ حقوقهم المنصوص عليها في الدستور المصري والتشريعات الوطنية والمواثيق الدولية.

وجاء في البيان أنه "قد أقرَّت الأمم المتحدة هذا اليوم، كنوعٍ من توجيه الأنظار ببالغ الاهتمام لأحد الشرائح الأكثر ضعفًا، التي تحتاج إلى الحماية الفائقة، واعتباره يومًا للدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها، وتحويلها إلى سياساتٍ وإجراءاتٍ تنفيذية يُبنى عليها عالم أفضل للأطفال".

واضاف البيان: "لكن.. يبدو أن هذا الاهتمام المطلوب، لا يجد له مُتسعًا في سياسات الحكومة المصرية، التي -وإن تظاهرت بالاهتمام - إلا أن التطبيق العملي يؤشر على غير ذلك المنوال".

ووفقًا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات 2018، أكَّد أن نسبة الأطفال المتسربين من مراحل التعليم المختلفة بين الذكور، بلغت 44% في المرحلة الابتدائية، تلتها 39% في المرحلة الإعدادية، بينما ارتفعت النسبة بين الإناث بنسبة 30% في المرحلة الابتدائية، تلاها 44% في المرحلة الإعدادية.

ووفقًا لتقرير "فقر الأطفال متعدد الأبعاد في مصر"، المنشور في ديسمبر 2017، والذي صدر بالاشتراك بين وزارة التضامن الاجتماعي، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، جاء أنَّ 10 ملايين طفل مصري يُعانون من الفقر متعدد الأبعاد.

ويقيس التقرير الحرمان بناءً على ثمانية أبعاد تحدد رفاهية الطفل، وتتضمن: الحصول على المياه، خدمات الصرف الصحي، المعلومات، ظروف الإسكان، الصحة، التغذية، التعليم، والحماية.

وفي تقريرٍ أصدره الفريق المعني بحالات الاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة في يوليو 2015، والذي جاء في القرار رقم 17/2015 والخاص بالاعتقالات التي تقوم بها سلطات أمن الانقلاب بحق الأطفال، بأنَّ الأطفال الذين تم اعتقالهم منذ يوليو 2013 حتى مايو 2015، بلغ 3002، تعرّض معظمهم للتعذيب والضرب المبرح داخل مراكز ومقار الاحتجاز.

وبحسب مصادر الرصد والتوثيق لدى المنظمات الموقعة على هذا البيان، فقد وصل عدد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي في مصر إلى ما يزيد عن 4000، خلال الفترة من 2013 حتى 2019.

كما رصدت ووثقت المنظمات الموقعة 111 حالة اعتقال لأطفالٍ في أحداث تظاهرات 20 سبتمبر 2019، في حين وثَّقت منظمات أخرى أعدادًا وصلت إلى 192 طفلًا تم اعتقالهم، بعضهم لا يتجاوز عمره 11 عامًا.

يأتي هذا، رغم أن حكومة المنقلب عبدالفتاح السيسي تمتلك من النصوص القانونية التي تجعلها مُلزمة بحماية الطفل والاهتمام به وبذل العناية الفائقة له، وفقًا للنصوص المُلزمة في الدستور المصري والتشريعات الوطنية والمواثيق الدولية.

وأكد البيان أنه "وفقًا لدستور 2014 أَفردت المادة 80 منه ملامح حماية الطفل، حين أقرَّت وأكدَّت في نصوصٍ لا تقبل التأويل لحزمة من الحقوق المُلزمة للطفل المصري، وجاء قانون الطفل المصري 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008، ليؤكد على ذات الحزمة من الحقوق، في حين أن الحكومة المصرية مُصدقة على اتفاقية الطفل عام 1989".

كل تلك النصوص المُلزمة لا تجد تطبيقًا حقيقيًا على أرض الواقع من الحكومة المصرية، التي انشغلت باختلاق معارك وهمية، سعيًا للحفاظ على مكتسباتٍ سياسية، دون النظر إلى المشكلات الحقيقية التي يُعاني منها شرائح مُتعددة في المجتمع المصري، وعلى رأسهم الأطفال، بوصفهم من الشرائح الأكثر ضعفًا التي تحتاج إلى اهتمامٍ ورعايةٍ مُضاعفة.

فضلًا عن حالات انتهاكاتٍ لأطفالٍ تعرضوا لإيذاءٍ نفسي ومعنوي واجتماعي واقتصادي، نتيجة عمليات الانتقام السياسي التي تمت مع آبائهم وأمهاتهم، نتيجة زجهم في السجون على خلفية قضايا سياسية، وحرمان الأطفال من الرعاية اللازمة، فضلًا عن منعهم من زيارتهم والتواصل معهم، في كارثةٍ اجتماعية تعمل على تدمير هؤلاء الأطفال.

وفي هذا المقام، لا يفوت المنظمات الموقعة، للإشارة إلى الإهمال الذي يُعاني منه الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة في مصر، وعدم العمل - الجاد - على تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع.

ويرى الموقّعون على البيان أن حكومة الانقلاب قد أهدرت الكثير من حقوق الطفل، وانصرفت عنها، وبالغت في الإهمال لحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلًا عن حقوقه السياسية المُنعدمة مع جموع من شرائح المجتع المصري.

وتُطالب المنظمات الموقعة سلطات الانقلاب بالعمل الجاد لتحسين وضعية الأطفال على المناحي المُتعددة، وحماية حقوقهم المُكتسبة والعمل على رعايتها، وسرعة تحسين أوضاع مراكز الاحتجاز الخاصة بالأطفال من كافة الانتهاكات التي تقع فيها.

والعمل على تجهيز تلك المقار لتكون بيئة توجيه وتربية وإرشاد، فضلاً عن الإفراج الفوري عن كل الأطفال المقبوض عليهم على خلفيات سياسية.

وعلى المجتمع الدولي وآلياته المُتعددة العمل على توجيه الحكومة المصرية لمزيد من الضمانات والإصلاحات اللازمة، التي تعمل على حماية الأطفال في مصر وحسن رعايتهم، وتوفير آليات رقابة ومسائلة للقائمين على أي انتهاكاتٍ تخصهم.

المنظمات الموقعة:

منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان(SPH ) – لندن

مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان (JHR )- إسطنبول.

منظمة هيومن رايتس مونيتور ( HRM ) – لندن

مركز الشهاب لحقوق الإنسان( SHR ) - لندن.