هذا الوضع الغريب والشاذ، دفع صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى توجيه انتقادات لاذعة للحكومات الغربية لموقفها الشائن من الانقلاب العسكري في مصر.

وفي سياق تعليقها على حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة في سبتمبر 2018 ضد 75 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين قالت "الجارديان" في  افتتاحيتها: "إن المحاكمات الجماعية التي صدرت بإعدام المئات لمجرد احتجاجاهم على الانقلاب العسكري، هي "عار على مصر"، مضيفة: "في الديمقراطيات التي تحكم بناء على القانون يتم إعادة محاكمة مرتكبي المذابح، وفي مصر يحاكم الناجون منها ويُحكم عليهم في بعض الأحيان بالإعدام، أما في الديمقراطيات التي يحكمها القانون فالمحاكمات عادلة وسريعة، لكن في مصر الناجون من المذابح يسجنون لخمس سنوات قبل المحكمة وتتم محاكمتهم جماعيًّا بدون دفاع حقيقي، وهو الأمر المميز والصارخ في محاكمات 739 متهمًا الذين يزعم النظام الانقلابي أنهم كانوا ضمن المحتجين الذين خرجوا ضد الانقلاب الذي دفع الجنرال عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2013".

واستنكرت الصحيفة البريطانية عدم تقديم متهم واحد في المذابح المروعة التي شهدتها مصر في أعقاب الانقلاب، مضيفة: "في المقابل لم يقدم أي من عناصر الشرطة للمحكمة أو صدرت ضدهم أحكام ضد ما قاموا به في مذبحة رابعة العدوية التي اعتصم فيها داعمو الديمقراطية، التي أطيح بها، وتم إجبار المتظاهرين على الخروج منها عام 2013".

وتطرقت إلى دعم الغرب للسيسي ونظامه الفاشي، لافتة إلى أن الولايات المتحدة أعلنت قبل يوم من صدور الأحكام هدية مليار دولار كمساعدات عسكرية لهذا العام. وهي - كما يبدو - ضرورية للحرب على الإرهاب، ودعم سخي لنظام يرهب شعبه وكل فرد في داخل حدود البلاد.

وبيّنت أن الحكومات الغربية منحت دعمها للسيسي، خوفًا على ما يبدو من الفوضى التي ستتبع سقوطه أكثر من الأرباح التي ستحققها من التنقيب عن الغاز أو بيعه السلاح، وهي غير عابئة، على ما يبدو، من أن الاستبداد يفرخ البؤس والتطرف.

وانتهت الجارديان إلى أن الديمقراطية في مصر سراب، واستخدام المحاكمات الجماعية كوسيلة لتنفيذ سياسات هي مأخوذة مباشرة من كتب الاستبداد، فصورة السيسي الدولية متدنية جدًّا ولهذا السبب ستتدنَّى أكثر.

تنديد بالإفلات من العقاب

وفي السياق ذاته، ندّدت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" بحالة "الإفلات من العقاب"، التي تنعم بها قوات أمن الانقلاب بعد المذابح المروعة في أعقاب الانقلاب الوحشي.

وأعلنت "هيومن رايتس ووتش"، ومقرّها في الولايات المتحدة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني عشية الذكرى الخامسة لفض الاعتصام أن قوات الأمن "قتلت 817 متظاهرا على الأقل في غضون ساعات قليلة" في "أكبر عمليات القتل الجماعي في تاريخ مصر الحديث"، ومن ذلك الوقت "أدين مئات المتظاهرين بتهم غير عادلة في محاكمات جماعية على خلفية الاحتجاجات"، بحسب البيان.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش: "بعد خمس سنوات على مذبحة رابعة، كانت الاستجابة الوحيدة من السلطات الانقلابية هي محاولة كفّ يد العدالة عن المسئولين عن هذه الجرائم". وتابعت: إن "ردّ حلفاء مصر على جرائم رابعة وعدم إنصاف الضحايا كان الصمت المطبق".

بدورها قالت منظمة العفو الدولية "أمنستي انترناشونال" في بيان لها: إنه بعد خمس سنوات على مجزرة رابعة، يستمر الإفلات من العقاب في إذكاء أزمة غير مسبوقة في مجال حقوق الإنسان".

ونقل البيان عن ناجية بونعيم مديرة حملات منظمة العفو الدولية في شمال إفريقيا قولها إن "مجزرة رابعة شكّلت نقطة تحوّل مرعبة لحقوق الإنسان".

وأضافت: إنه في السنوات الخمس الماضية، ارتكبت قوات أمن الانقلاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مثل حالات الاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء، على نطاق لم يسبق له مثيل.

وحمّل مسئولون مصريون قادة الاعتصام مسئولية أعمال القتل التي وقعت خلال عملية فضّه في 2013، وأشاروا إلى وجود مسلحين كانوا مشاركين فيه؛ ما أدى كذلك إلى سقوط عناصر من قوات الأمن.

وفي ديسمبر 2013 حظرت مصر جماعة الإخوان المسلمين وصنفتها منظمة إرهابية.