- رجل ديكتاتور عنيف مرتبك خائف ضعيف

- يريد به تشويه الإخوان بعد انفضاض الناس عنه

- يقتل القتيل ويمشي في جنازته ليتخلص من كابوس الشهداء

- يرى نفسه مبارك الثاني ويطمع في الحصول على براءة معه

- يلبس لباس المتسامح ليعفو الناس عن دماء شهدائهم

 

حوار: الزهراء عامر

الغريق الذي يتعلق بقشة قبل اللحظات الأخيرة من الموت يحاول فيها تبرئة ساحته من التُّهم الموجهة إليه، يتلوَّن مثل الحرباء ليظهر بثوب جديد وكأنه المنقذ الوحيد لمصر وسيعيد حق الشهيد؛ فيتنقل من موقف القاتل المتعلق في رقبته دماء مئات الأبرياء إلى الباحث عن الحقيقة، لديه كل الصفات الدكتاتورية والقمعية التي تؤهله من أن يكون مبارك رقم 2، هكذا ظهر مرشح الفلول أحمد شفيق خلال المؤتمر الذي عقده ليعلق فيه على الأحداث التي تمر بها مصر بعد الحكم ببراءة المتهمين من قضية قتل الثوار.

 

(إخوان أون لاين) حاور الدكتور عماد مخيمر أستاذ علم النفس السياسي بجامعة الزقازيق ليحلل المضمون النفسي لخطاب شفيق.

 

* بدايةً.. من خلال متابعتكم لخطاب شفيق كيف ظهر، وما السمات الشخصية التي بدت عليه؟

** شفيق بدا عليه الدوار وعدم الاتزان والخوف والقلق الشديد، وكذلك الإحباط، فهو شخص عنيف وديكتاتور، وظهر ذلك بحركات يده التي يستخدمها كثيرًا للتعبير عن انفعالاته، وخاصةً عندما ضرب بيده على المنصة في حديثه قائلاً "إنه سيأتي بانتخابات حرة ونزيهة"، وهذا أمر يوحي بالقلق، فضلاً عن تكراره العديد من الجمل تدل على ارتباكه.

 

* لماذا اختار أحمد شفيق هذا التوقيت بالذات والشعب ثائر، وبهذه اللهجة الحادة؟

** توجُّه شفيق بخطابه ضد جماعة الإخوان وبهذه اللهجة المتصاعدة الحادة، وفي هذا الوقت أمر مقصود، الهدف منه النيل من هذه الجماعة؛ لأنه يعلم أن فوز مرشحها سيعني محاسبة الجميع، خاصةً بعد تصريحات الدكتور محمد مرسي بأنه لن يضيِّع حق الشهداء فهو بذلك يحاول أن يمحو عن نفسه أنه جزء من النظام البائد الفاسد المستبد وينسب إلى جماعة الإخوان كل المصائب التي ارتكبها، ناهيك عن أن حكم المحكمة بعدم براءة حبيب العادلي ومبارك مثله اﻷعلى، يعتبر الضربة القاسمة له؛ ﻷنه يرى نفسه مبارك الثاني وكان يطمع أن يحصل سيده على براءة بشكلٍ مباشر؛ ﻷن هذا اﻷمر مرتبط ببراءته هو كذلك.

 

* وكيف يفسر علم النفس ذلك؟

** هذا الأسلوب نطلق عليه استخدام أسلحة غير الشريفة والحرب النفسية وإثارة الشائعات من أجل الإقناع والتأثير على الرأى العام، واللعب على أوتار العاطفة لتغيير الاتجاه وترسيخ المخاوف وخلق فزَّاعة جديدة لدى الفئات التي ما زالت خائفةً من انتخاب الإخوان بعدما بدأ ينفض الجميع من حوله، فضلاً عن تبنيه الصورة التي حرصت الصحف في الفترة الأخيرة إبرازها عن الجماعة وهي "الغموض" وما يظهر على السطح يختلف عن الباطن؛ ولذلك نجده بأنه يصف نفسه أكثر من مرة في خطابه بأنه الرئيس الواضح.

 

* كيف إذن يتشكَّل الرأى العام؟

** يتشكل الرأي العام والاتجاهات من ثلاث جوانب جانب معرفي، وهي معرفة الأفكار، وجانب انفعالي وهي الانفعال بهذه الأفكار التي حصل الفرد عليها، وجانب سلوكي وهو الخروج للانتخاب وشفيق يُركِّز على الجانب الأول والثاني ليخرج الناخبين ويعطو له أصواتهم.

 

* وماذا عن أسلوب كتابة الخطاب هل كان معبرًا، ودقيقًا؟

** الطريقة التي كتبت بها الكلمة التي ألقاها تدل على أن هناك أجهزةً واقفةً خلفه كتبتها بعنايةٍ بالغة تختلف عن خطاباته السابقة؛ لأن كل لفظ وكلمة قالها تحمل معاني عديدة لتحقق مردود معين في الشارع المصري.

 

مغازلة الثوار

* تنصَّل أحمد شفيق من تصريحاته السابقة الخاصة بأنه لن يسمح بوجود مظاهرات في التحرير مرةً أخرى وسيترك الجيش للتعامل مع تلك المظاهرات، واليوم يغازل الثوار وتوعَّد بحمايتهم وملاحقة مَن يحاول القصاص منهم، فما سبب هذا التحول؟

** موقف الدكتاتور دائمًا هو التنصل من تصريحاته السابقة وتغيير كلامه لعبور مرحلة معينة ويحقق هدفه؛ ولذلك نجده يغازل الثوار تارةً، يتحدث عن الحريات المكفولة للجميع تارةً أخرى، لكسب ودهم بعدما خرجوا مرةً أخرى في الميادين يطالبون بعزله ومحاكمته، كما أن الشخص الذي تربَّى على سياسة تقوم على الديكتاتورية والظلم لا يمكن أن يتغير بين ليلةٍ وضحاها, كما لا يمكن أن تتوافق قناعاته وسياساته التي تعامل بها لسنوات طويلة مع ثورة جاءت لتغيير تلك السياسات.

 

* ولماذا إذن يتوعد لجماعة الإخوان وهو مَن يقول: لن يسجن أحدًا إذا خالفه الرأي؟!

** هناك نوع من التناقض الشديد في تصريحاته ومن المتوقع منه أن يحدث أي شيء، وهو يريد أن يقول الشيء وعكسه حتي يقنع كل مَن يسمعه بكلامه، ولكن لا أحد يستطيع اليوم أن يقمع حرية رأي الشعب المصري مرةً أخرى؛ لأن مصر أصبحت اليوم دولة مؤسسات.

 

مدرسة مبارك

* وحول ما ذكره شفيق بأنه يمثل الاستقرار في مصر، وأن الإخوان يمثلون الفوضى، ألا تذكرنا هذه الجمل بخطاب مبارك الأول في الثورة؟

** إن هذه العبارة سبق أن رددها الرئيس المخلوع أستاذ شفيق ومثله الأعلى حينما قال: "أنا أو الفوضى"، وهذا يدل على أنه ما زال ينتمي فكريًّا لنظام مبارك ويتبنَّى سياساته, ويسير علي نفس الدرب.

 

المراوغة وحق الشهداء

* ردد مرشح الفلول في خطابه أكثر من مرة أنه سيعيد حق الشهداء، فكيف بقاتلٍ أن يُعيد حق مقتول؟

** شفيق في هذه الحالة يستخدم أسلوب المراوغة ويحاول أن يُبرِّئ ساحته ويتخلص من ذنب وكابوس الشهداء الذي يلاحقه من ناحية، ويحاول استعطاف أهالي الشهداء من ناحية أخرى، فضلاً عن محاولته مواكبة الأحداث، ولقط من الناس فكرة البحث عن القصاص بعدما خرجت الناس متسائلةً عن دم الشهداء وحقوقهم التي ضاعت بعد الحكم المخيب للآمال، ويلعب على هذا الوتر وينطبق عليه في هذه الحالة: "يقتل القتيل ويمشي في جنازته"

 

* شفيق ردد في حواره بأنه رجل مدني، وسيقيم الدولة المدنية عدة مرات.. فما الذي يقصده من ذلك؟

** شفيق يهدف بقوله: "رجل مدني وسأعيد الحقوق" إبراز نفسه بأنه يختلف عن الإخوان ويمتع بصفات تعجب الجميع ليرضي جميع الأطراف، وفيه أيضًا نوع من استعراض القوى؛ ﻷن الناس تريد رئيس قوي وشديد، ولذا لا بد أن يقوم مرشح الثورة بإبراز هذه النقطة والتركيز عليها.

 

الفتنة والتفكك

* الدولة الطائفية واحترام حقوق الأقليات، هل هذه الكلمات تهدف لإيصال رسائل بعينها؟

** شفيق الآن يلعب على وتر الكنيسة والأقباط ليدعموه مرةً أخرى، وكذلك يتوطد الفتنة والتشكيك في الوحدة الوطنية بعدما التفَّ الشعب مرةً أخرى بجميع طوائفه، هذا الأمر لا يصب في مصلحته كمرشحٍ رئاسي، وكانت جملة أن: "الإخوان يغازلون الأقباط على الفضائيات، ويرسلون تهديدات لهم على منازلهم" مقصودة.

 

* وما رأيك في تأكيده احترامه للقضاء مرتين في خطابه؟

** الذي جعل أحمد شفيق حتى الآن لا يُسجن أو يحاسب على القضايا المتهم فيها هو القضاء؛ لأنه يعتبره رجلاً عسكريًّا، ولهذا لا بد أن يحترم القضاء، فضلاً عن أنه يؤكد للنظام الذي يسانده أنا ما زال داعمًا له، والشيء الآخر هو يرد بشكلٍ غير مباشر على كلام الدكتور مرسي الخاص بإعادة محاكمة الفاسدين في حالة فوزه.

 

الغريق والقشة

* قدَّم شفيق العديد من التنازلات في خطابه إذا تمَّ مقارنته بخطاباتٍ أخرى فهل هذا يدل على مدى ضعف شخصيته وكبر حجم الأحداث عليه؟

** باختصار شديد هذه التنازلات تدل على أن شفيق يغرق وفي النزع الأخير، ويحاول أن يتعلق بقشة واحد لينقذ نفسه ويقيم نظامه مرةً أخرى؛ ولذلك يبحث عن نقاط الضعف في خطابات الدكتور مرسي ويُركِّز هو عليها.

 

* وعلي أي أساس تنازل عن حقه الشخصي من الشباب الذين ألقوا عليه الأحذية؟

** هو يحاول أن يلبس لباس الشخص المتسامح في حقوقه الشخصية؛ ولذا عليكم أن تتاسمحوا في حقوق الشهداء.

 

* نزل الدكتور محمد مرسي إلى ميدان التحرير وحُمل على الأعناق.. فهل يمتلك شفيق القدرة على النزول للميدان؟

** شفيق لا يمتلك القدرة على الخروج من بيته؛ لأنه يعلم جيدًا حالة الكُره الشديدة له من قبل الثوار والمواطنين الذين دمَّرهم النظام السابق، وأعتقد أنه جرَّب هذا الأمر عندما طُرد من العديد من المحافظات خلال مؤتمراته الانتخابية ورُفعت في وجهه الأحذية أكثر من مرة بل وضُرب بها، وهذا اﻷمر يُقاس على ميدان التحرير.