مجدي حسين: تفجيرات القاهرة تحمل بصمات أجهزة أمن الانقلاب

د.يسرى حماد: الانقلابي يسير على خطى عبد الناصر لإحكام سيطرته

د.طارق الزمر: عودة لمسلسل الخمسينيات ومحاولة استنساخه بالكربون

د.سيف عبد الفتاح: الهدف منها هو توفير بيئة خصبة للاستبداد

د.عادل عامر: حكومة الانقلاب تستغل الحدث لتمرير "قانون الإرهاب"


تحقيق: محمد إبراهيم

 

كعادة الانقلابات العسكرية تحاول دائمًا إرهاب المواطنين، بتنفيذ انفجارات وعمليات إرهابية للتغطية على فشلها، ولتبرير القمع والإجرام، ولتمهيد الأجواء لاتخاذ المزيد من الإجراءات والقوانين الاستثنائية.

فمنذ 60 عامًا قام الانقلابي جمال عبد الناصر بتدبير أضخم 6 تفجيرات لتشويه الديمقراطية، حيث ذكر الدكتور مصطفى محمود في كتابه "المؤامرة الكبرى" أن خالد محيي الدين (أحد الضباط الأحرار) أكد في مذكراته: "أن جمال عبد الناصر طلب من أعضاء مجلس الثورة تكوين تنظيم سري للتخلص من الإخوان والشيوعيين وطبقة الباشاوات الرجعية."

 

وقال: إن عبد الناصر كان ضد الديمقراطية على طول الخط وأنه هو الذي دبر الانفجارات الستة التي حدثت في الجامعة وفي جروبي وفي مخزن الصحافة بمحطة سكة حديد القاهرة وأنه اعترف للوزير عبد اللطيف البغدادي وكمال حسين وحسن إبراهيم أنه دبر هذه التفجيرات لإثارة مخاوف الناس من الديمقراطية وللإيحاء بأن الأمن سيهتز وأن الفوضى ستسود إذا مضوا في طريق الديمقراطية.

 

وتابع قائلا: "وأكثر من ذلك هو الذي نظم إضراب العمال الشهير في مارس 1954، وأنه هو الذي أنفق عليه وموله.. وذكر خالد محيي الدين أن عبد الناصر قال له بالحرف: هذا الإضراب كلفني أربعة آلاف جنيه (باسعار الخمسينيات)".

 

وفي مارس 1954 عندما خرج المصريون يهتفون "الدستور.. يحيا الدستور" خرجت مظاهرة- بتدبير جمال عبد الناصر- بقيادة نقيب عمال النقل آنذاك بعد أن تقاضى مبلغ 5 آلاف جنيه (وهو رقم ضخم بمقياس تلك الفترة) من عبد الناصر يهتف: "يسقط القانون.. يسقط الدستور".

 

كما قامت عصابات عبد الناصر بعمل عدة تفجيرات في عدة أماكن متفرقة في القاهرة.. لزعزعة الحكم والإساءة إلى الرئيس محمد نجيب.. كما نادت هذه العصابات بسقوط محمد نجيب.. واقتحمت مجلس الدولة واعتدت على رئيسه الفقيه الدستوري الكبير د. عبد الرزاق السنهوري!!! ثم أصدر مجلس قيادة الثورة بعد ذلك عدة أوامر خاصة بإغلاق الأحزاب والنقابات والصحف.!!!

 

فبهذه العقلية التآمرية كان عبد الناصر يدير شئون مصر ويفجر القنابل وينظم الإضرابات ثم يبحث عن متهمين وهميين يعلق في رقابهم التهم والشبهات، وها هو الانقلابي السيسي يسير على خطا سلفه بنفس الأسلوب دون أي تغيير.. فما أشبه الليلة بالبارحة.

 

 فقد شهدت مصر التفجيرات من المنصورة إلى تفجير مبنى المخابرات الحربية في الإسماعيلية مرورًا بالهجوم على أكمنة الداخلية إلى تفجيرات جامعة القاهرة الأخيرة، وتشير أصابع الاتهام إلى قائد الانقلاب العسكري، وأجهزته الأمنية والمخابراتية، التي تعيد تكرار نفس السيناريو السابق الذي نفذه عبد الناصر لإرهاب المواطنين وإحكام السيطرة على البلاد عقب انقلابه على الرئيس محمد نجيب- بحسب الخبراء-.

 

بصمات أمن الانقلاب

فمن جانبه أكد الكاتب الصحفي مجدى حسين رئيس حزب الاستقلال أن التفجيرات التي وقعت في محيط جامعة القاهرة تحمل بصمات أجهزة الانقلاب بامتياز، وأنها معدة لتغيير مجرى الأحداث بعد الضربات التي تعرض لها الانقلاب في الهاشتاج المسيء للسيسي، وتصاعد السخط الشعبي على الانقلابيين.

 

وشدد على أن استهداف قادة الشرطة بتفجيرات ليس من طبيعة الثوار، كما أن طلاب الجامعة لا يقومون بهذه الأعمال، بل كانوا يحضرون لتظاهرات سلمية معتادة، لافتًا إلى أن الانقلاب يستهدف ضرب المظاهرات الطلابية بوضع هذه المتفجرات أمام جامعة القاهرة وفى ميدان النهضة تحديدًا.

 

وقال إن وجود مصوري اليوم السابع لتصوير الانفجار الأول ساعة حدوثه من أبرز معالم إدانة أجهزة الانقلاب، التي اعتادت ترتيب وجود صحفيين ومصورين ساعة حدوث الأعمال الإرهابية المدبرة .

 

خطى عبد الناصر

ويؤكد الدكتور يسري حماد نائب رئيس حزب الوطن، أن أجهزة الدولة الحالية تلعب على نفس الدور الذي لعب عليه جمال عبد الناصر، وهو حاجة الشعب إلى الأمن وتخويفه من الإرهاب، مشيرًا إلى أن ما حدث أمام جامعة القاهرة، هو إعادة لسيناريو 1954 المرسوم من قبل الأجهزة الأمنية، قائلاً إن الأسلوب الذي يتعامل به قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي هو ومن معه، كان يتعامل به عبد الناصر مع الشعب.

 

واتهم حماد الدولة العميقة وأجهزة سيادية وعلى رأسها جهاز المخابرات بالوقوف وراء مثل هذه التفجيرات من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه من قمع للمعارضين ومحاولة كسب التعاطف الشعبي مع الانقلاب.

 

وأضاف أن أجهزة الدولة العميقة تريد أن تعيد الشعب المصري إلى "الحظيرة" الخاصة بهم، مؤكدًا أن حوادث التفجيرات التي تحدث تستهدف تبرير ما تقوم به السلطة مع معارضيها، وتتم بنفس الأسلوب القديم مع تغيير الأحداث والوجوه، مشيرًا إلى أن الانقلابي السيسي يسير على خطى عبد الناصر.

 

وقال إن تواجد قوات الأمن قبل الحادث بهذه الصورة أمام الجامعة غير مفهوم بالمرة، مؤكدًا أن "صاحب المصلحة" معروف ولديه استعداد ليقوم بذلك أكثر من مرة ليحصل على مصلحته.

 

نسخة بالكربون

وقال الدكتور طارق الزمر، القيادي بالجماعة الإسلامية، ورئيس حزب البناء والتنمية، إن تفجيرات جامعة القاهرة عودة لمسلسل الخمسينيات الذي يريد الانقلاب استنساخه بالكربون.

 

وأضاف الزمر، على "فيس بوك": "في الوقت الذي نستنكر فيه انفجار جامعة القاهرة ﻻ يسعنا إﻻ أن نؤكد أنه يضر بثورتنا الشعبية السلمية التي تستهدف هزيمة الانقلاب وتمكين الإرادة الشعبية".

 

وأرجع الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إقدام الانقلاب على تدبير مثل هذه التفجيرات إلى حرصه على توفير بيئة خصبة لاستبداده، مشيرًا إلى أن سبب الاستبداد المستشري في مصر إلى البيئة غير المستقرة والتهديدات الأمنية.

 

وقال: "لا يحيا الاستبداد إلا في بيئة غير مستقرة، في مجتمع مهدد أمنيًّا.. مجتمع قلق حول حياته ابتداءً.. هنا يجد المستبد البيئة الخصبة للاستمرار".

 

إجراءات استثنائية

ويضيف الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، إنه تمت دعوته في عام 2007 بلجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، هو ومجموعة خبراء لمناقشة قانون الإرهاب، مشيرًا إلى أنه كان من أشد المعارضين للقانون حينها، وذلك لأن قانون العقوبات حدد كل الجرائم وكيفية التعامل معها، ومصر ليست في حاجة لقانون جديد، وطالب بالالتزام بقانون العقوبات كما هو.

 

وأشار إلى أن مشروع مكافحة الإرهاب الذي تعتزم حكومة الانقلاب تمريره هو نفس مشروع القانون الذي دعا لمناقشته في حكومة الوطني المنحل في عام 2007.

 

وأوضح أن قانون مكافحة الإرهاب سيهب سلطات استثنائية لمأمور الضبط القضائي، مضيفًا أن الحكومة استغلت حادث أمس لتمرير مشروع قانون الحزب الوطني القديم.

 

من جانب آخر، اتهم إبراهيم حسن القيادي بتنسيقية الأزهر، التي تضم حركات المعارضة بجامعة الأزهر النظام بتدبير تفجيرات جامعة القاهرة .

 

وأضاف حسن، أن الانقلاب كان يبحث عن حادث جلل من أجل تمرير قانون مكافحة الإرهاب لإحكام السيطرة أكثر على مناهضيه .